مقالات

شركات الأدوية واستخدام استراتيجية “المحيط الأزرق” لتقديم منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة

المحيط الأزرق (Blue Ocean) هو تعبير استراتيجي تسويقي ظهر في السنوات الأخيرة ليرصد تغييرا في استراتيجيات التسويق الحديث، وهو تعبير أول من أطلقه اثنان من الباحثين في مجال التسويق والأعمال هما “دبليو شان كي” وزميلته “رينية موبرون”.

يشير التعبير إلى السوق الخالي “تقريبا” من المنافسة، فهو سوق يقوده غالبا مسوق واحد أو بضعة مسوقين أو منتجين قليلين جدا، يقدمون منتجات مبتكرة أو خدمات جديدة غير نقليلدية ولم توجد من قبل في الأسواق المعتادة أو القديمة.

هذا السوق يشبه المحيط الأزرق الرائق غير المزدحم ويخلو من المنافسة الشرسة، على عكس الأسواق التقليدية القديمة والتي تشتعل فيها المنافسة ويتعدد فيها المتنافسون، ويقومون بالهجوم على بعضهم البعض، كالأسماك المفترسة التي تتقاتل فيما بينها، فيصطبغ المجيط بلون دمائها الحمراء، ومن هنا جاء مسمى “المحيط الأحمر – Red Ocean” للتعبير عن تلك النوعية من الأسواق.  

لذلك تجد أن كثيرا من الشركات تحاول استخدام هذه الاستراتيجية بتقديم منتجات وخدمات جديدة ومبتكرة، أو عن طريق إيجاد أسواق جديدة لمنتحاتها القديمة، لتدخل بها إلى هذا المحيط الأزرق الهادئ، بعيدا عن المناقسة الشرسة المعتادة.

الجدول المرفق هنا يبين أهم الفروق بين استراتيجات المحيط الأزرق واستراتيجيات المحيط الأحمر.

من أمثلة المحيطات الزرقاء شركات مثل شبكة أو منصة نتفليكس، التي ظهرت حديثا لتقدم خدمات ترفيهية للمشاهدين في البيوت، ولتنافس الشبكات التقليدية مثل OSN، وذلك عن طريق تقديم أعمال فنية جديدة ومبتكرة، تقوم هي نفسها بإنتاج بعضها، وتقدمها للجمهور بأسعار تنافسية مقارنة بأسعار الشبكات القديمة التقليدية.

قبل نتفليكس، ظهرت شركة أمازون، لتقدم خدمات البيع لمختلف المنتحات والسلع للعملاء في منازلهم، حيث يصل إليهم ما يحتاجونه من سلع ومنتجات حتى باب البيت، بدلا من الشركات التقليدية التي كانت تضطر العميل إلى الذهاب إلى منافذ البيع الخاصة بها.

حتى في مجال الطب والدواء، نجد مثلا أن دواء فياجرا (سيلدنافيل) الذي أنتجته شركة فايزر العالمية مثالا حيا على استراتيجية المحيط الأزرق، فالشركة قدمت منتجها في سوق خال تماما تقريبا من المنافسة، حيث أن فياجرا كان العلاج الطبي الوحيد لمرض الضعف الجنسي عند الرجال أول ما ظهر في آواخر تسعينيات القرن العشرين، فكانت “الحبة الزرقاء” أكبر مثال على “المحيطات الزرقاء”.

على أنه مؤخرا، بدأت يعض الشركات في الدخول إلى هذه المحيطات الزرقاء، لتنافس مستكشفي هذه المحيطات وصانعيها ومحتكريها، فظهرت مثلا منصات منافسة لنتفليكس  مثل أمازون بلاس، وديزني بلاس، وآبل تي في بلاس، وأيضا منصة شاهد العربية، وظهرت منصات تسويقية وبيعية منافسة لأمازون، مثل علي بابا، وإي باي، ودبليو بيستباي، وجوميا.

وفي مجال الدواء، ظهر منافسون لفياجرا أيضا، مثل سياليس (تادالافيل)، ليفيترا (فاردينافيل)، فارنوفا (فاردينافيل)، وغيرها من أدوية علاج الضعف الجنسي المثبتة علميا وطبيا، والتي تتمتع بنفس كفاءة وفاعلية فياجرا مع وجود مميزات إضافية عليه.

إذن دخل منافسون جدد إلى المحيطات الزرقاء الهادئة، والتي كانت مغلقة على أصحابها الذين ايتدعوها وقدموا من خلالها خدمات ومنتجات متميزة لا مثيل لها، وأصبح المحيط الأزرق به عدد من المتنافسين الأقوياء الذين يتصارعون فيما بينهم في المحيط الصغير المغلق، وبالتالي تحول لون ماء المحيط الأزرق بسبب هذه المنافسة المحدودة إلى اللون البنفسجي أو الأرجواني، وهو لون خليط بين الأحمر والأزرق، كناية عن التنافس بين الشركات القليلة في المحيط المغلق، ليكون نوعا جديد من الأسواق أو استراتيجيات التسويق، تسمى المحيط الأرجواني (Purple Ocean)، حيث يتصارع عدد محدود من المتنافسين في سوق “كان” جديدا، ويتميز بالابتكار والتجديد والعمل على تقديم سلعة أو خدمة متميزة بأسعار تنافسية للعميل الذي يرحب بالجديد والمبتكر من تلك السلع والخدمات.

هل يا ترى سيتحول المحيط الأرجواني يوما ما إلى محيط أحمر تقليدي، ليلحق بنظائره من المحيطات والأسواق والاستراتيجيات القديمة المعتادة، والتي تتصارع فيها الأسماك الكبيرة القوية فيما بينها، وأيضا على حساب الأسماك الصغيرة الضعيفة؟

د. هاني سليمان، رئيس مجموعة تنمية القيادة للتنمية البشرية والمؤسساتية، مدير التسويق لشركة فايزر الشرق الأوسط سابقا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى