مقالات

الصيام ودواء الوارفارين: ماذا يجب علينا أن نعرف؟

على الرغم من عدم كون صيام شهر رمضان المبارك الزاميا للأفراد الذين يعانون من مشاكل صحية، إلا أنه يؤثر على النمط العلاجي الذي يتبعه المريض، بشكل أساسي نتيجة التغير في النمط الغذائي.

من الأدوية التي تتأثر بالغذاء الذي يتناوله المريض هو دواء “الوارفارين”، بالتحديد الغذاء الذي يحتوي على فيتامين ك. لهذا أثناء فترة الصيام فان أي زيادة في كمية أو نوعية الغذاء الذي يتناوله المريض له تأثير على دواء الوارفارين اما بشكل زيادة في فعالية الدواء أو نقصانه. اضافة الى مدى التزام المرضى بالنمط العلاجي خلال هذا الشهر الفضيل.

حقائق حول شهر رمضان المبارك

شهر رمضان المبارك هو الشهر التاسع من التقويم الهجري الإسلامي. ويعد صيامه أحد أركان الإسلام الخمسة وواجب على كل الأصحاء البالغين والمراهقين بعد سن البلوغ.

يشمل الصيام الامتناع عن الأكل والشراب واستعمال الأدوية الفموية من شروق الشمس إلى غروبها. تختلف مدة الصيام باختلاف الموسم المناخي والموقع الجغرافي، حيث يمكن أن تستمر حتى 18 ساعة أو أكثر أثناء الصيف في منطقة الشرق الأوسط ولفترة أطول خارج الشرق الأوسط. هناك احتمالية أن يشهد هذا الشهر تغيرات الفسيولوجية والتي قد تكون مرتبطة بنمط الطعام المتغير و نمط النوم. فبدلا من وجود ثلاث وجبات رئيسة (الفطور، الغداء والعشاء)، يكون في شهر رمضان وجبتان أساسيتان وجبة السحور تشكل حوالي 30٪ من السعرات الحرارية اليومية وبينما تشكل وجبة الإفطار حوالي 60٪.

ان الصيام ليس الزاميا على الأفراد الذين يعانون من مشاكل صحية نتيجة الأمراض المزمنة كأمراض القلب، السكتات القلبية والدماغية ،ارتفاع ضغط الدم و مرضى داء السكري. لكن غالبية المرضى اختاروا صيام شهر رمضان لما يحمله هذا الشهر من أجواء روحانية. ان صيام هذا الشهر قد يصاحبه حدوث تغييرات قد تؤثر على الادوية التي يستخدمها المرضى لعلاج حالتهم الصحية.  حيث تكون هذه التغيرات اما في النمط الغذائي ، الجهد البدني أو/و نمط النومالذي بدوره يؤدي الى زيادة أو نقصان في فعالية الأدوية.

ما هو دواء الوارفارين؟

دواء الوارفارين يعد من مضادات فيتامين ك و أحد أدوية المضادة للتخثر التي تؤخذ عن طريق الفم . فهو الدواء الأكثر استخدامًا للمرضى المصابين بأمراض التخثر مثل الرجفان الأذيني  و استبدال صمام القلب، حيث توجد مخاطر وصول هذه الخثرات إلى الدماغ وبالتالي تؤدي الى حدوث الجلطة الدماغية. بالاستناد الى نتائج البحوث التي أجريت بخصوص تأثير الصيام على دواء الوارفارين، فهناك نتائج متضاربة بهذا الخصوص.

حيت تشير بعض الدراسات الى احتمالية حودث التأثير عن طريق حدوث زيادة ملحوظة في نسبة (INR) International Normalized Ratio أو نقصان في النسبة أو لا يوجد أي تغيير مطلقا. يعرف تحليل INR بأنه النسبة المعيارية الدولية التي تشير إلى الوقت الذي يستغرقه الدم للتجلط. فارتفاع قيمة هذا التحليل تشير الى بطئ وقت تجلط الدم و احتمالية حدوث نزيف. واذا كان نتيجة الINR منخفضة فيشير الى سرعة وقت تجلط الدم و وجود مخاطر حدوث الجلطات دموية.

تأثير تغير النمط الغذائي على دواء الوارفارين

يتغير في شهر رمضان المبارك استهلاك الخضراوات، البقوليات ومنتجا الالبان. بذلك يمكن أن يكون أحد أسباب تأثير الصيام على دواء الوارفارين هو امكانية وجود التفاعل مع الغذاء الذي يتناوله المريض، خاصة الأطعمة التي تحتوي على فيتامين ك. يعد هذا الفيتامين هو أحد الفيتامينات القابلة للذوبان في الدهون، له دور كعامل مساعد لإنتاج عوامل التخثر الثاني، السابع، التاسع، العاشر و البروتينات (S,C,Z). ونتيجة لتثبيت هذه العوامل التخثر بواسطة الوارفارين لذا فإن تناول فيتامين ك يمكن أن يعكس تأثير الوارفارين وتجعله اقل فعالية. باعتبار أن دواء الوارفارين من أدوية ذات المجال العلاجي الضيق، لذلك من الضروري مراقبة دواء الوارفارين بشكل مستمر. لوجود فرق بسيط بين أقل جرعة التي يمكن أن تكون فعالة، وأعلى جرعة التي من الممكن أن تؤدي الى حدوث آثار جانبية.

يمكن الدور فعال لمقدمي الرعاية الصحية وبالاخص الصيادلة في توضيح أهمية الألتزام بالكمية الموصى به من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين ك لتجنب تأثيره على دواء الوارفارين وبالتالي حدوث مشكلات صحية للمرضى. بشكل عام، تتضمن الكمية الموصى بها لتناول كمية كافية من فيتامين ك من قبل الأكاديمية الوطنية للعلوم للنساء حوالي 90 ميكروجرام/ يوم والرجال 120 ميكروجرام / يوم.  ويعد كبار السن أكثر استهلاكا للخضار من البالغين الأصغر سنا، وبالتالي يكونون معرضين بشكل كبير لتبعات تأثير فيتامين ك على دواء الوارفارين.

الأطعمة الغنية بفيتامين ك

تعد الخضروات الورقية من الأطعمة الغنية بفيتامين ك، على سبيل المثال: السبانخ، السلق، الملفوف، الخردل الأخضر، البروكلي، الهليون. وكذلك الشاي الأخضر، عصير جريب فروت، عصير التوت البري والكحول. بالنسبة للزيوت التي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين ك مثلا زيت بذور اللفت (الكانولا)، فول الصويا وزيت الزيتون. تعد هذه الزيوت مصدرا مهما لفيتامين ك وأيضا تزيد من امتصاص فيتامين ك في الأطعمة. غالبًا ما يكون الزيت في الأطعمة المصنعة والسريعة مصدرًا غير ملحوظ من فيتامين ك وتشكل مصدر قلق عند تناول هذه الأطعمة بكميات كبيرة. فيحتوي ساندوتش الدجاج الواحد على ما يقرب من 24 ميكروغرام من فيتامين ك لكل 100 غرام. يحتوي الهامبرغر أيضًا على حوالي 23 ميكروغرامًا من فيتامين ك لكل 100 جرام. ويمكن أن تحتوي البطاطس المقلية على ما يصل إلى 17 ميكروغرام في 100 جرام، اعتمادًا على نوع الزيت المستخدم في الطبخ. لذلك عند استهلاك هذه الأغذية بكميات كبيرة، من المحتمل أن تكون تقلل من قيمة ال INR ويزداد خطر حدوث الجلطات الدموية.

أسباب أخرى لتأثير الصيام على دواء الوارفارين

تشير بعض الدراسات الى أن أحد أسباب تأثير الصيام على دواء الوارفارين قد يكون نتيجة تأثيره على مستوى الاحماض الدهنية في البلازما. فان زيادة هذه الأحماض أثناء الصيام يؤثر على ارتباط البروتين بالوارفارين وبالتالي يؤثر على نسبة الجزء الحر الفعال منه.

في الوقت ذاته يجب أن نشير الأنتباه أيضا الى أن المريض نفسه يلعب دورا في مدى فعالية دواء الوارفارين من ناحية الالتزام بالمنهاج العلاجي. الذي يتضمن أخذ العلاج في الوقت المناسب بحيث يتجنب حدوث تداخلات غذائية من ناحية ومن ناحية أخرى يتضمن مراقبة فعالية دواء الوارفارين عبر قياس INR بحيث يضمن أخذ الجرعة المناسبة لحالته الصحية.

الخاتمة

ان من الضروري توعية المرضى الذين يستخدمون علاج الوارفارين الى أن تغيير في نوعية وكمية الغذاء المستهلك له تأثير على فعالية علاج الوارفارين، سواء ان كان هذا خلال شهر رمضان أو حتى بعده.  كما يقع على عاتق الصيدلي المسؤول عن صرف علاج الوارفارين توعية المرضى بأهمية الالتزام بالنظام العلاج بالوقت والجرعة المحددة.

هالة فؤاد قاسم

ماجستير صيدلة سريرية – كلية الصيدلة – جامعة الموصل

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى