تكنولوجيا طبية

دراسة طبية حديثة تتوصل إلى تأثيرات مُميته لفيروس كورونا على أدمغة المرضى

رصدت دراسة أجريت مؤخراً بالمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية‏ التابع لمعاهد الصحة الوطنية الأمريكية (NINDS) تأثيرًا قاتلًا يحدث بصورة غير مباشرة على دماغ الإنسان.

العلماء عثروا على إشارات تلف ناتجة عن ترقق وتسرب الأوعية الدموية في أنسجة الدماغ المأخوذة من متوفين بفيروس كورونا, دون وجود أي علامات للفيروس في العينات, الأمر الذي يشير إلى أن الضرر لم يكن بسبب هجوم فيروسي مباشر على المخ.

العلماء اكتشفوا هذا الأمر عندما كان أحد الشباب الأمريكان يقوم بمساعدة أخته المصابة بكورونا على النهوض، إبان مرحلة عزلهما المنزلي، سقط الأخ المصاب بالفيروس مغشيًّا عليه ومات في الحال، حدث ذلك في نيويورك، إحدى أكثر الولايات الأمريكية تأثرًا بالوباء، وتكرر هذا المشهد أيضًا عندما عُثر على أحد المصابين بكورونا متوفياً فجأة في مترو أنفاق نيويورك.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن هذه الظاهرة قد تكون ناجمةً عن رد فعل التهابي للجسم في مواجهة هجوم الفيروس، مرجحين أن يؤدي الاكتشاف إلى تحسين علاجات المرض.

يقول عالِم المناعة العصبية والمدير السريري بالمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، وقائد فريق البحث “أفيندرا ناث”: “يمكن أن يموت بعض مرضى كورونا فجأةً من العدوى دون سابق إنذار، على سبيل المثال، في دراستنا مات بعض المرضى في أثناء نومهم، بينما عُثر على أحدهم ميتًا في مترو أنفاق نيويورك، وآخر كان يرفع أخته وسقط على الأرض ومات”.

وأضاف في حديث لموقع “للعلم”: “غالبًا يعاني مرضى كورونا من مرض دماغي متعدد البؤر، يُحتمل عدم ملاحظته في الفحص المرضي، لذا استخدمنا فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي عالية الدقة بعد الوفاة، سمح لنا ذلك بالعودة إلى مناطق الدماغ للدراسة عن طريق الفحص النسيجي”.

وللوصول إلى نتائج الدراسة، أجرى الباحثون فحصًا متعمقًا لعينات أنسجة المخ المأخوذة من 19 مريضًا ماتوا بعد إصابتهم بكورونا بين شهري مارس ويوليو 2020، أخذ الباحثون عينات من 16 مريضًا من قِبَل مكتب كبير الأطباء في مدينة نيويورك، بينما تم توفير الحالات الثلاث الأخرى من ِقِبَل قسم علم الأمراض في كلية الطب بجامعة أيوا الأمريكية.

وتراوحت أعمار المشاركين من 5 أعوام إلى 73 عامًا، وكان معظمهم من الذكور، ممن توفوا في غضون ساعات قليلة إلى شهرين بعد الإبلاغ عن أعراض الفيروس، ومن بين المشاركين، جرى العثور على 8 حالات وفاة في المنزل أو في الأماكن العامة، بينما انهار 3 آخرون وتوفوا فجأة.

ولفحص عينات من البصيلات الشمّية وجذع الدماغ؛ إذ يُعتقد أن هذه المناطق معرضة بشدة لهجوم كورونا، استخدم الباحثون ماسحًا خاصًّا عالي الدقة للتصوير بالرنين المغناطيسي، أكثر حساسيةً بـ4 إلى 10 مرات من معظم أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي التقليدية.

وتتحكم البصيلات الشمّية في حاسة الشم، أما جذع الدماغ فيتحكم في التنفس ومعدل ضربات القلب، وكشفت عمليات المسح أن كلتا المنطقتين فيها عدد كبير من البقع المضيئة، تشير غالبًا إلى الالتهاب، بالإضافة إلى البقع الداكنة التي تُعد مؤشرًا على النزيف.

ثم استخدم الفريق عمليات المسح كدليل لفحص البقع عن كثب تحت المجهر، ووجدوا أن البقع المضيئة تحتوي على أوعية دموية أرق من المعتاد، وأحيانًا تسربت بروتينات الدم، مثل “الفيبرينوجين” (Fibrinogen) (نوع من البروتينات يؤدي دورًا مهمًّا في تجلط الدم) إلى الدماغ.. في المقابل، احتوت البقع الداكنة على أوعية دموية متخثرة ومتسربة، لكن دون استجابة مناعية.

“ناث” فسر سبب ما تم رصده قائلًا: “وجدنا أن هناك العديد من بؤر تلف الأوعية الدموية الصغيرة، ينتج عنها تسرب منتجات الدم إلى أنسجة المخ، لم يكن سبب ذلك واضحًا، ولكنه على الأرجح بسبب تلف الخلايا المناعية أو الخلايا الليمفاوية، وجدنا بعض الخلايا الليمفاوية مرتبطةً بالخلايا البطانية في الأوعية الدموية وفي المناطق المحيطة بالأوعية”.

وتابع أن “الاستجابة الالتهابية هي مفتاح المرض العصبي لهذه المتلازمة؛ لأننا لم نتمكن من العثور على الفيروس في الدماغ”.

وعن أهمية النتائج، أشار إلى أنه “من المحتمل أن يكون للدراسة تداعيات مهمة على الأضرار طويلة المدى للعديد من الهياكل في الدماغ نتيجة الإصابة بفيروس كورونا، وخاصةً منطقتي البصلة الشمية وجذع الدماغ، مضيفًا أن التفسير العملي المهم لهذا هو أن السيطرة على الالتهاب قد تكون مفتاح التحكم في المضاعفات العصبية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى