منوعات

الأطفال والطبيعة: صحة وتعليم أفضل.. التجربة الفنلندية

يعتقد كثير من أولياء الأمور أن حماية صحة الأبناء مقرون بوضعهم بين 4 جدران سواء في البيت أو في المؤسسات التربوية والتعليمية، كما يعتقدون أن بقاء أبنائهم في داخل الفصول الدراسية مع الانكباب على الكتب والمناهج الدراسية التقليدية يعني تعليما أفضل لهم.

في هذا المقال يتحدث الخبير التنموى الدكتور مجدى سعيد عن التجربة الفنلندية فنلندا، مبينا علاقة الأطفال بالطبيعة التى تحسن من مناعة الأطفال.

تقول خلاصة التجربة الفنلندية والتي نشرت في تقرير لموقع “ساينس ألرت Science Alert” أن بعض الحضانات في فنلندا قامت ببناء غابات صغيرة خاصة بها، وأن ذلك غير مناعة الأطفال بها إلى الأحسن، وأن لعب الأطفال في هذه المساحات الخضراء حتى لمدة شهر واحد كان كافيا لإحداث هذا التغيير الإيجابي في المناعة، بناء على دراسة علمية أجريت هناك ونشرت نتائجها في دورية “ساينس أدفانسز Science Advances” في 14 أكتوبر 2020.

عندما قامت الحضانات بغرس العشب، وزرع شجيرات الغابات في أفنيتها، وسمحوا للأطفال بالعناية بالمحاصيل في صناديق الغراس، بدا تنوع الميكروبات في أمعاء وعلى جلد الأطفال الصغار أكثر صحة بشكل كبير خلال فترة زمنية قصيرة.

ومقارنة بأطفال المدينة الآخرين الذين يلعبون في دور الحضانة الحضرية القياسية مع ساحات من الأرصفة والبلاط والحصى، أظهر الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 و5 سنوات في مراكز الرعاية النهارية الخضراء هذه في فنلندا زيادة في الخلايا التائية وغيرها من خلايا المناعة الهامة كعلامات في دمائهم في غضون 28 يوما فقط.

وأوضحت عالمة البيئة ماريا روسلوند من جامعة هلسنكي في عام 2020، عندما نُشر البحث: “وجدنا أيضا أن الجراثيم المعوية للأطفال الذين لعبوا في المساحات الخضراء كانت مشابهة للميكروبات المعوية للأطفال الذين يزورون الغابة كل يوم”. 

أظهرت الأبحاث السابقة أن التعرض المبكر للمساحات الخضراء يرتبط بطريقة ما بجهاز مناعي يعمل بشكل جيد، ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه العلاقة سببية أم لا. وقد كانت التجربة في فنلندا هي الأولى التي تتلاعب صراحة بالبيئة الحضرية للطفل ثم تختبر التغييرات في الميكروبيوم (المجتمع الميكروبي الطبيعي)، وبالتالي نظام المناعة لدى الطفل.

تدعم نتائج الدراسة فكرة رائدة – وهي أن التغيير في الميكروبات البيئية يمكن أن يؤثر بسهولة نسبيا على ميكروبيوم راسخ في الأطفال، مما يمنح جهاز المناعة يد المساعدة في هذه العملية.

تُعرف فكرة أن البيئة الغنية بالكائنات الحية تؤثر على مناعتنا باسم “فرضية التنوع البيولوجي”. وبناءً على هذه الفرضية، يمكن أن يكون فقدان التنوع البيولوجي في المناطق الحضرية مسؤولًا جزئيًا على الأقل عن الارتفاع الأخير في الأمراض المرتبطة بالمناعة.

للوصول لتلك النتائج قارنت الدراسة الميكروبات البيئية الموجودة في ساحات 10 مراكز نهارية حضرية مختلفة، ترعى ما مجموعه 75 طفلا تتراوح أعمارهم بين ثلاثة وخمسة أعوام.

وعلى مدار 28 يوما، تم منح الأطفال في الحضانات الأربعة التي غرست العشب والشجيرات وقتا للعب في الفناء الخلفي الجديد خمس مرات في الأسبوع. وعندما اختبر الباحثون الميكروبات على بشرة الأطفال وفي أمعائهم قبل وبعد التجربة، وجدوا نتائج محسّنة مقارنةً بالمجموعة الأولى من الأطفال الذين لعبوا في مراكز رعاية نهارية مع مساحات خضراء أقل لنفس الفترة الزمنية.

وكما يقول الباحثون إن الدراسة تدعم الافتراض بأن الاتصال بالطبيعة يمنع الاضطرابات في جهاز المناعة، مثل أمراض المناعة الذاتية والحساسية، كما تظهر الأبحاث أن الخروج من المنزل مفيد أيضا لبصر الطفل، وأن التواجد في الطبيعة كطفل يرتبط بصحة عقلية أفضل. حيث أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن المساحات الخضراء مرتبطة بالتغيرات الهيكلية في أدمغة الأطفال. وكما أشارت دراسة سابقة فإن الأطفال في المناطق الريفية يعانون من حالات أقل من الربو والحساسية.

يقول الباحثون إنه “سيكون من الأفضل أن يلعب الأطفال في البرك وأن يتمكن الجميع من حفر التربة العضوية”. وأنه “يمكننا اصطحاب أطفالنا إلى الطبيعة خمس مرات في الأسبوع ليكون لنا تأثير على الميكروبات”.

ختاما فإن ترابط الأطفال مع الطبيعة مفيد أيضا لمستقبل النظم البيئية لكوكبنا، فكما تشير الدراسات فإن الأطفال الذين يقضون وقتا في الهواء الطلق هم أكثر ميلا لأن يصبحوا دعاة حماية للبيئة كبالغين، وفي عالم سريع التغير، فإن هذا الأمر يصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى