غذاؤك دواؤك

تنتج عن نقص عنصر “اليود” في الجسم.. علاج اضطرابات الغدة الدرقية.. بالجرجير والليمون!

أظهرت دراسة أجراها “معهد بحوث تغذية الطفل” في ألمانيا، أن أكثر من مليار شخص في العالم يعانون من نقص عنصر اليود، الأمر الذي يعرضهم لخطر الإصابة بمرض تضخم الغدة الدرقية، كما أكد تقرير “لمنظمة الصحة العالمية” أن هناك نحو 1500 مليون فرد في العالم يسكنون في مناطق تعاني من ندرة في وجود عنصر اليود، وبالتالي فهم معرضون أيضا للإصابة بأمراض الغدة الدرقية.

واستندت الدراسة الألمانية إلى متابعة نوعية الغذاء ومستوى اليود لدى 30  رجلا، تراوحت أعمارهم بين 31 عامًا إلى 49 عامًا، و30 سيدة كان متوسط أعمارهن 24 عامًا إلى 35 عامًا، وتناولت عينة البحث ثلاثة أنواع مختلفة من الأغذية، شملت غذاء عاديًا يضم مواد حيوانية ونباتية وغذاء شبيهًا ولكنه غني بالبروتين وغذاء نباتيًا لبنيًا (أي يحتوي على الخضراوات ومنتجات الألبان فقط)، لمدة خمسة أيام لكل منهم، ولم يحتو أي من الأغذية السابقة على الملح اليودي أو الأطعمة الغنية باليود.

وأظهرت تحاليل عينات البول بعد 24 ساعة من تناول أفراد العينة للوجبات، أن كمية اليود الذي تم طرحها في البول تجاوز الكمية التي تناولها الأشخاص في كل نوع من الغذاء، ومع ذلك أظهر الأشخاص الذين تناولوا الغذاء النباتي اللبني أعلى تناقضات، حيث كانت كمية اليود التي طرحوها ضعف ما حصلوا عليه من الوجبات، أي 40 مايكروغرامًا مقابل 20 مايكروغرامًا فقط، في الوقت الذي تبلغ فيه الكمية المسموح بتناولها من اليود 150 مايكروغرامًا.

وأكد د. “توماس ريمر” – الاختصاصي في المعهد – على أهمية توفير عنصر اليود في الغذاء، وحذر من خطورة أن تبقى كمية اليود منخفضة لأشهر عدة، لأن ذلك قد يؤدي إلى الإصابة بمشكلات تضخم الغدة الدرقية أو “القصور الدرقي”، مشيرا إلى أن النباتيين الذين لا يتناولون منتجات الألبان الغنية باليود يتعرضون لخطر أكبر.

ومن أشهر الأمراض الناجمة عن نقص اليود “تضخم الغدة الدرقية” المعروف علميا باسم “الدراق”، الذي يحدث بسبب عدم قدرة الغدة الدرقية على إفراز هرمون “الثايروكسين” لنقص اليود، ومع انخفاض هذا الهرمون تفرز الغدة النخامية الهرمون المنبه للغدة الدرقية لتزيد من إفرازها، وفي حالة نقص اليود وازدياد إفراز الهرمون المنبه للغدة الدرقية، يكبر حجمها في محاولة لزيادة إفراز الهرمون دون جدوى.

وتظهر علامات نقص هرمونات الغدة الدرقية متمثلة في التبلد والخمول والميل للنوم المستمر، وقد يصل الأمر في الأطفال إلى حدوث تخلف في النمو الجسماني والذهني بدرجاته المختلفة، وفي الحالات الشديدة لنقص اليود قد يصاب الطفل “بالقماء”، وهي البلاهة مع قصر القامة وتكون غير قابلة للشفاء.

غدة الحيوية

المعروف أن الغدة الدرقية هي إحدى الغدد المهمة في جسم الإنسان، وهي عضو صغير يشبه الفراشة وتقع في أسفل الجزء الأمامي من الرقبة ولا يزيد وزنها في العادة على 20 جراما، ورغم ذلك فإن مشاكلها واضطراباتها من الأمور الشائعة، فهي العضو الذي يتحكم في نشاط الجسم عموما، وذلك بإفراز هرمون “الثايروكسين T4“، والمُصَنَّع بشكل أساسي من مادة اليود، ويتم التحكم بمدى نشاط الغدة الدرقية نفسها عن طريق الغدة النخامية، التي تفرز الهرمون المحفز للغدة الدرقية (TSH)، والذي يحفز الغدة – بدوره-لإفراز “الثايروكسين”.

ويرى المتخصصون أن تضخم حجم الغدة الدرقية يرجع في الغالب إلى سبب حميد ولا يكون مصحوبا باضطراب في وظيفتها، وهذا ما يحدث في مناطق العالم التي تعاني من نقص في مادة اليود، وقد يظهر في الغدة الدرقية نتوء أو ورم ما يفزع الشخص المصاب أحيانا، وفي هذه الحالة يتم سحب عينة من هذا النتوء وفحصها تحت المجهر، والنتائج تؤكد أن أكثر من 90% من الحالات يكون سببها ورم حميد، وباقي الحالات قد تكون بسبب ورم خبيث، وفي حالة وجود ذلك يستدعي استئصال الورم أو الغدة كاملة حسب حجم وطبيعة الورم والنتائج العلاجية أثبتت فعاليتها في التخلص من الأورام الخبيثة.

ومع زيادة إفراز هرمون “الثايروكسين” يزيد نشاط الغدة الدرقية بشكل عام، ويصاحب هذه الزيادة بعض الأعراض من بينها: ضعف في العضلات، زيادة في العصبية، زيادة في الإحساس بالجوع مع نقص الوزن رغم زيادة كمية الغذاء، بالإضافة إلى الإحساس بحرارة الجو وسرعة ضربات القلب وزيادة التعرق، وفي حالة المرضى المصابين بزيادة نشاط الغدة الدرقية بشكل عام، قد يكون هناك جحوظ في العينين، بجانب هذه الأعراض.

ويتم علاج زيادة إفراز الغدة الدرقية إما بواسطة الأدوية التي تقلل من إفراز “الثايروكسين”، بالإضافة إلى الأدوية التي تساعد في التحكم بالأعراض المصاحبة، أو باللجوء إلى الجراحة، لإزالة الغدة تدريجياً إذا كان حجمها كبيراً، ويسبب صعوبة في التنفس، أو العلاج باليود المشع، الذي يعطى عن طريق الفم، وحينما يصل إلى الغدة الدرقية يبدأ في تحطيمها تدريجياً.

أما في حالة نقص نشاط الغدة الدرقية، والتي يعاني منها تقريبا امرأة من كل 50 امرأة ورجل واحد من كل 1000 رجل، خاصة إذا كان هناك شخص آخر في العائلة يعاني من نفس المشكلة، فالسبب الرئيسي لذلك هو أن الجسم يرسل أجساما مضادة تحطم الغدة الدرقية تدريجيا، لكن قد يكون أيضا نتيجة تعاطي بعض الأدوية، أو بسبب علاج سابق لزيادة الغدة الدرقية (اليود المشع، الأدوية، عملية جراحية).

ويسبب نقص نشاط هذه الغدة العديد من الأعراض، حيث يشتكي المريض من نقص شديد في مستوى نشاط الجسم مع زيادة الوزن والإحساس بالبرودة وآلام العضلات، والإحساس بالخدر في الأصابع، وتساقط الشعر وخشونة الجلد واضطراب الطمث، وقد تؤثر هذه الحالة على النمو والبلوغ بالنسبة للأطفال، وبالنسبة للحوامل قد تزيد من احتمالات الإجهاض وتخلف الجنين عقلياً وجسدياً.

ويتم تشخيص هذه الحالة عن طريق التحاليل المخبرية (نقص 4T وزيادة TSH)، ويكون العلاج تعويضيا فقط عن طريق حبوب “الثايروكسين”، ويتم متابعة مستوى “الثايروكسين بشكل دوري، وذلك عن طريق تحاليل الدم إلى أن يتم تعيين الجرعة المناسبة، ويحذر الأطباء من زيادة الجرعة عن الحد اللازم التي قد تسبب اضطرابات تشبه اضطرابات زيادة نشاط الغدة، وقد تسبب هشاشة في العظام للسيدات فوق الخمسين عاما.

العلاج بالأعشاب

رغم وجود وسائل عديدة لعلاج اضطرابات الغدة الدرقية، سواء عن طريق الجراحة أو الأدوية الكيميائية، أو من خلال التعرض للأشعة أو اليود، إلا أن هناك مخاطر كثيرة ناتجة عن هذه النوعية من العلاج، خاصة في حالة زيادة الجرعة عن الحد اللازم ما قد يسبب آثارا عكسية على المريض، ولذلك فإن الحل الأمثل لعلاج الغدة الدرقية يتمثل في النباتات الطبيعية، التي تحقق التوازن في نسبة اليود المسؤولة عن تصنيع هرمون “الثايروكسين” داخل الغدة الدرقية.

ومن خلال الدراسات والأبحاث استخلصنا أنواعا عديدة من النباتات الطبية المفيدة في علاج اضطراب الغدة الدرقية من أهمها:

* الجرجير:

من المعروف أن الجرجير من النباتات الغنية بالفيتامينات وخصوصا فيتامين أ، ب1، ب2، ج، وهـ، كما يحتوي على معادن وخصوصاً اليود، الحديد، الفسفور، المغنسيوم، والكالسيوم، ويستعمل هذا النبات منذ القدم كغذاء ودواء، وكان قدماء الإغريق والفُرس يطعمون أطفالهم الجرجير لبناء أجسام قوية، وفي أوروبا يعد الجرجير منظفاً للدم، وهو من الأعشاب الطاردة للسموم والمنبهة أو المحرضة لفتح الشهية.

وبخصوص تضخم الغدة الدرقية فإنه يستعمل لاحتوائه على كمية من اليود، حيث يتناول المريض الجرجير بعد تقطيعه إلى قطع صغيره وفرمه، ويمكن تناول حزمة واحدة من الجرجير يومياً.

* الليمون:

يعد الليمون من أشهر المصادر الطبيعية كغذاء ودواء، وهو يحتوي على زيت طيّار بنسبة 5.2% “كومارينات” وفيتامينات (أ، ب1 ب2 ب3 ج) كما يحتوي على “بايوفلافونيدات” ومواد “هلامية”، ومن المعروف أن الليمون يستخدم كمطهر ومضاد للروماتيزم ومضاد للبكتيريا ومضاد لسموم الجسم ومخفض للحمى.

ويستعمل الليمون على نطاق واسع، ومن أهم استعمالاته لعلاج تضخم الغدة الدرقية، تُضرب ليمونة كبيرة بكامل محتوياتها في “الخلاّط” مع كوب ماء، ويمكن تحليته بالعسل، ثم يشرب طازجاً بعد تصفيته من القشور، ويداوم على شرب عصير الليمون بمعدل كوب إلى كوبين يوميا لمدة لا تقل عن ثلاث أشهر.

* الكراوية:

وتعرف علميا باسم (Carun carvi) والجزء المستعمل منها هو الثمار، وتحتوي ثمار الكراوية على زيت طيّار، وأهم مركب فيه هو “الكارفون” الذي تصل نسبته ما بين 40 – 60%، كما تحتوي على “فلافونيدات” ومواد سكرية عدة وزيت ثابت.

وتستعمل الكراوية لتخفيض تضخم الغدة الدرقية على هيئة منقوع، وذلك بوضع ملعقة صغيرة من ثمارها في كوب ثم يصب عليه الماء المغلي، ويغطى ويترك لمدة 15 دقيقة، ثم يصفى ويشرب منه كوبان يومياً، الأول بعد الإفطار والثاني بعد العشاء، أو قبل النوم، ويجب الاستمرار على هذا العلاج لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر.

وتستخدم الكراوية أيضا كمضاد للمغص، وطارد للغازات، كما تقوم بتحسين رائحة الفم والنفس والشهية، وتعمل الثمار كمدرة ومقوية، وتستعمل عادة في وصفات التهابات الشعب والكحة.

* عشب البوق:

يُعرف عشب البوق علميا باسم (Lycopus Virginicus) والجزء المستخدم منه هو الأجزاء الهوائية، ويستعمل كمهدئ، ويوصف حاليا لعلاج زيادة نشاط الغدة الدرقية ولتنظيم سرعة نبضات القلب الناتج من تضخم هذه الغدة، وقد أثبتت الدراسات العلمية أن نبات عشب البوق يخفض من نشاط الغدة الدرقية، ولكن يجب عدم استخدام هذا النبات إلا تحت استشارة الطبيب، ويجب على المرأة الحامل الامتناع عن استخدامه.

* نبات السوسن:

هو عشب معمر يحمل سيقانا بأوراق عريضة سيفية الشكل ، ويحمل أزهاراً طويلة ذات لون ما بين الأبيض والأزرق، وثماره عبارة عن كبسولات كبيرة، وللنبات جذور قصيرة وسميكة.

ويعرف السوسن علميا باسم (Iris Germanica) ويوجد منه نوع آخر يسمى (Iris Versicolir)، والجزء المستخدم من نباتات السوسن هو الجذور التي تستخدم لعلاج مشكلات الغدة الدرقية وكذلك مشكلات الهضم والصداع. ويستعمل العلاج بطريقة العلاج المثلى (Homeopathy) ويجب ملاحظة عدم استخدامه المرأة الحامل له أيضا.

* عشب “طحلب البحر”:

هو عشب بحري له أوراق سعفية رقيقة طويلة ولونه بني، ويوجد هذا الطحلب على شواطئ الصين واليابان، حيث يُشاهد طافياً على سطح الماء على هيئة كتل كبيرة ويجمع عادة من البحر والشواطئ، ويعرف عشب “طحلب البحر” علميا باسم (Sargassum Fuisforme)، وهو يحتوي على البوتاسيوم واليود.

ويستعمل هذا العشب في علاج تضخم الغدة الدرقية، وكان الأطباء الصينيون قد استخدموا هذا الطحلب لنفس الغرض منذ القرن الثامن عشر الميلادي.

ويستخدم هذا العشب لصد أي مواد تسبب تضخم الغدة الدرقية، ولعلاج تورم الغدد اللمفاوية في الرقبة وكذلك “الأوديما” في الجسم، وأجرى الصينيون أبحاثا على هذا النبات أظهرت أن له تأثيراً مضاداً للفطريات ومضاداً أيضاً لتجلط الدم.

وبجانب العلاج بالوسائل العشبية البديلة، فإن هناك تمارين رياضية يجب أن يقوم بها المريض الذي يتناول الدواء حتى يجعل غدته الدرقية تعمل بكفاءة فعالة، ويبدأ العلاج الطبيعي بتدريبات رياضية تساعد على تحويل (T4) إلى (“T3 أي تحويل الهرمونات الدرقية إلى الثيرونين ثلاثي اليود، كما ينبغي على المريض الحصول على نسب كافية من “الأيودين”، وينصح بتناول أسماك المياه المالحة والخضراوات البحرية وهي تساعد على تحسين نشاط الغدة الدرقية بشكل كبير.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى