طبيبك الخاص

الرضاعة الطبيعية واليود

اليود عنصر هام وأساسي للجسم البشري. ورغم أن ما يحتاجه الجسم منه يُعدّ كمية ضئيلة، إلّا أنه أمر بالغ الأهمية خصوصاً للأطفال الرضّع، من أجل ضمان نموهم بشكل صحي. فنقص اليود يمكن أن يعطل النمو ويسبب تلف في الجهاز العصبي. لذا يعمد سكان المناطق التي تفتقر تربتها لليود أن يستعملوا ملح الطعام الذي يحتوي على اليود أوأن يأخذوا مكملات غذائية تحتوي عليه.

الأطفال الرضع يحصلون على حاجتهم من اليود عن طريق الرضاعة الطبيعية ومن خلال الأطعمة المخصصة لهم. ولكن، الملح المحتوي على اليود أوالأغذية المكملة للرضع قد لا تكون متوفرة في كل مكان، وخاصة في المناطق الريفية والنائية لا سيّما في البلدان النامية.

لضمان حصول الأطفال حديثي الولادة على حصتهم من اليود، فإنّ منظمة الصحة العالمية (WHO) توصي الأمهات الجدد أن يأخذن كبسولة واحدة من اليود لتوفير الجرعة اللازمة لمدة سنة كاملة، ويحصل الرضيع على حاجته عن طريق الرضاعة الطبيعية. أما إذا كانت الرضاعة الطبيعية غير ممكنة، يقوم الأطباء بإعطاء الأطفال الرضع جرعات مخففة منه. فعاليّة هاتين الطريقتين لم يسبق أن تم اختبارها. وللمرة الأولى، يقوم فريق دولي مكون من باحثين من جامعة القاضي عياض ومستشفى الملك محمد السادس في المغرب وزملاء لهم من جامعة ETH زيورخ في سويسرا، باختبار ومقارنة فعالية الطريقة المباشرة أوغير المباشرة عن طريق حليب الثدي، ورصد وضع ومستوى اليود عند الأمهات وأطفالهن على مدى سنة كاملة. ومن خلال هذه الدراسة وجدوا أن إعطاء اليود للأم أكثر فاعلية من إعطائه للطفل مباشرة. مع أن كلا الطريقتين غير كافية لضمان حصول الأم والطفل على ما يكفي من اليود.

الدراسة نشرت في 22 نوفمبر 2013 في مجلة The Lancet Diabetes & Endocrinology

قام الفريق بتطبيق البحث على  241 زوج ( أم ورضيعها) في المغرب. حيث أعطيت نصف الأمهات كبسولة اليود ولم يعط الطفل شيء، والعكس بالنسبة للنصف الآخر من المجموعة، حيث أعطي الطفل اليود ولم تعط الأم شيئاً. أعطي العقار للأطفال مع أول تطعيم خلال الأسابيع الثمانية الأولى من الولادة. وعلى مدى التسعة أشهر التالية قام الفريق بقياس تركيز اليود في حليب الثدي وبول الأم والطفل لتحديد وضع اليود لديهما. وقد وجدوا أنه وعلى الرغم من أن كمية كبيرة من اليود تمرر إلى الطفل عن طريق حليب الأم، فإن تركيز اليود في بول الرضيع بعد تسعة أشهر كان أدنى من المستوى الحرج.  أما الأمهات، فقد وجد الباحثون أن الجرعة لمرة واحدة لا يمكنها أن تعالج نقص اليود في أي وقت. وكأن جسم الأم مبرمج لوضع كل امكانياتها من اليود لتغذية الطفل ولا تُبقي ما تحتاجه لنفسها. فبعد الولادة مباشرة، كان وضع اليود لدى الرضّع أفضل بكثير من أمهاتهم، مع أنه أقل من الحد الأدنى المطلوب لنموأجسامهم.

بالمقابل، فقد كان إعطاء المواليد جرعات اليود مباشرة أقل فاعلية بشكل ملحوظ من الطريقة غير المباشرة عن طريق حليب الثدي، فلقد كان مستوى اليود لديهم أقل من المستوى الأدنى الحرج. قد يكون أحد الأسباب هوأن جسم المولود يمتص اليود بشكل أفضل عندما يدخل إليه عن طريق حليب الأم. ولكن هذا لا يعني أن هذه الطريقة ليست جيدة. فكلا الطريقتين خفضت احتمال حدوث اضطرابات في الغدة الدرقية والتي تحتاج اليود لإنتاج الهرمونات لدى الأطفال الرضع. وقد خلص الفريق إلى أن توصيات منظمة الصحة العالمية لا تزال تحتاج إلى تعديل، فجرعة كبسولة اليود لمرة واحدة فعّالة لحوالي ستة أشهر فقط وليس لمدة عام كما كان يعتقد سابقاً، كما أنها غير كافية على ما يبدولرفع الحالة الصحية للأم لوضع مقبول. ويقترح الباحثون بدلاً من ذلك، إعطاء الأمهات الجرعة مرتين بدلاً من مرة واحدة خلال السنة. وكذلك الحال بالنسبة للطريقة المباشرة، فيقترح الباحثون إعطاء الأطفال الجرعات بأكثر تكراراً وأقل تركيزاً.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى