الحكيم

“حيدر الحجار”.. رائد طب العيون في المملكة العربية السعودية

يعتبر الطبيب السعودي الراحل حيدر عثمان الحجار (1915- 1989), هو رائد طب العيون في المملكة العربية السعودية وأول مدير لاول مستشفى في الرياض كما ورد في وثائق دارة الملك عبد العزيز, فضلاً عن كونه أول مدير عام للتعليم الطبي كما تذكر قاعدة معلومات الملك خالد بن عبد العزيز.

شغل حيدر عثمان العديد من الوظائف العامة وخاصة ابتدأ من عمله طبيبًا في الخرج ثم حائل قبل أن ينتقل للعمل طبيبًا عامًا في مستشفى القري في الرياض ثم مندوبًا لوزارة الصحة في المدينة المنورة ليعود إلى الرياض للعمل طبيبًا للعيون ثم مديرًا في مستشفى الملك سعود مجمع الملك سعود الطبي حاليًا ثم مديرًا لمستشفى الناصرية للعيون بعدها انتقل للعمل مفتشا طبيا بالإدارة العامة للتفتيش بوزارة الصحة ثم مساعدا لمدير عام وزارة الصحة ثم مديرا عاما للتعليم الصحي قبل أن يعين، وكيلاً لوزارة الصحة وبالإضافة إلى ذلك فقد عمل بعيادته الخاصة للعيون في الرياض في فترات مختلفة.

ظروف النشأة

كان جده محمد على من خطباء الحرم النبوي الشريف إلى جانب عمله في القضاء واشتهاره بين الناس بتمتعه بقدرات متميزة في إصلاح ذات البين.

أما والده عثمان فقد كان من حملة القران الكريم ومن الوعاظ بالحرم النبوي ولا تزال سجلات الحرم تحتفظ باسمائهم لانتسابهم لخدمة العلم بالحرم الشريف في عداد الشخصيات التي اوقفت له اعيان كثيرة في المدينة حفاظا على مكانتهم وتقديرا للعلم الذي تشرفوا بالعمل في خدمته.

اتسمت حياة حيدر عثمان بطابع الجهد والعناء في مختلف مراحلها وخاصة في بداياتها حيث عانى مع أسرته من ويلات الحرب وقشف العيش السائد في ذلك الحين.

اضطر لمغادرة المدينة المنورة موطن اجداده وهو لم يبلغ عامه الثاني ضمن عمليات التهجير التي اتبعها الولاة الأتراك ضد أبناء المدينة من ذوي الأصول العربية، فغادرها بصحبة والده ووالدته مكرهين إلى دمشق مستقلين القطار كما فعل كل سكان المدينة في ذلك الوقت بسبب ظروف الحرب التي أطلق عليها بحرب سفر برلك نصيب هذا الجزء من العالم من الحرب العالمية الأولى. وانتهى بهم المقام في دمشق حيث نشاأ هناك. وكان يحدث عن قساوة الأحوال في تلك الأيام في ظل أجواء الحرب والهجرة. فعمل والده في التجارة البسيطة لفترة من الزمن ثم تحسنت الأحوال قليلا إذ لمس فيه بعض المسئولين القدرة والكفاءة في أعماله التجارية فاسندوا إليه وظيفة في المستشفى العام الحكومي.

التعليم العام

تلقى حيدر عثمان تعليمه الابتدائي والمتوسط والثانوي في المدارس الحكومية السورية وكان حريصاً جداً على تقدمه التعليمي وكان دومًا متفوقًا في جميع دروسه. ومن المواد التي كان يحبها ويفضلها الهندسة واللغة العربية والتاريخ، فكان يحفظ قواعد اللغة العربية عن ظهر قلب.

الدراسات العليا

بعد تخرج حيدر عثمان من المرحلة الثانوية بتقدير ممتاز كان المجال مفتوحًا أمامه لاختيار الكلية التي يريد وقد كان يصبو لدخول كلية الهندسة، ولكن والده اقترح عليه دخول كلية الطب لأنه هو يعمل في المستشفى الجامعي وله علاقات جيدة ببعض الأطباء هناك والذين قد يساعدوه إن أشكل عليه فهم بعض المواد، كما أن منزلة الدكتور في المجتمع آنذاك كانت رفيعة جدا لذا أراد به الخير والمنزلة العالية، وهنا لم يخيب رغبة والده والتحق بكلية الطب في الجامعة السورية رغم صعوبتها.

وقد كان من أحد شروط القبول في كلية الطب أن يجتاز الطالب امتحان باللغة الإنجليزية التي لم يكن يجيدها لأنها لا تدرس في المدارس السورية التي كانت تركز على دراسة اللغة الفرنسية، وكانت هذه معضلة بحد ذاتها وحاول إقناع الدكتور الممتحن بإعطائه الفرصة بأن يجيب على الأسئلة باللغة الفرنسية ثم يقرر قبوله أو رفضه فوافق الأستاذ وذهل عندما رأى نتيجته ومدى دقة المعلومات التي كتبها فوافق على دخوله كلية الطب لتميزه.

ثم واصل حيدر عثمان تفوقه الدراسي في كل السنوات التالية حتى تخرجه ومن المشهور بين أبنائه المفارقة الحرجة التي صادفته في الدراسة ما حدث في أحد الامتحانات النهائية إذ فهم أحد الأسئلة فهما خاطئا فبدل أن يكتب وصفا للفك العلوي كتب وصفًا دقيقًا شاملاً للفك السفلي وقد كان هذا السؤال هو السؤال الرئيسي في الامتحان وعليه الدرجة الأكبر فخاف جدًا من احتمال رسوبه في المادة والذي سوف يؤثر على معدله تأثيرا سيئا ولكن دكتور المادة عندما قرأ الإجابة عرف مدى تمكنه من فهمه للمادة وإلا لما أجاب بهذه الدقة وقرر أن ينجحه في المادة وبتفوق.وقد كانت صلته بمدرسيه دوما ممتازة يسودها التقدير والإجلال.

وقد كان يعمل أثناء دراسته الجامعية في المستشفى الجامعي لاكتساب الخبرة. حتى تخرج طبيبًا عامًا من الجامعة السورية عام 1941 ميلادية / 1360 هجرية وعاد للمملكة للعمل بها كأول طبيب سعودي ثم سافر للقاهرة للتخصص في طب العيون من جامعة الملك فؤاد (الجامعة المصرية أو جامعة القاهرة لاحقا) عام 1947 ميلادي وقد واجه في ذلك بعض الصعوبة لأن الدراسة كلها كانت باللغة الإنجليزية ولكن بالعزيمة والإصرار توصل للنجاح وبعد انهاء التخصص عاد للعمل في المملكة وتنقل في عدد من الوظائف ثم حصل على بعثة إلى مصر أيضا للحصول على دبلوم في استخدام الليزر في جراحة العيون وبعد حصوله على الدبلوم عاد للرياض ثم استمر بعد ذلك بمتابعة كل ما هو جديد في طب العيون سواء عن طريق الكتب أو بحضور الندوات والمؤتمرات عندما تسنح له الفرصة حيث حصل على دبلوم عالي في التطبيقات الذرية على العين من جامعة فيينا بالنمسا.

الوفاة:

توفي الدكتور حيد عثمان  في الـ17من شهر دي الحجة في عام 1409هـ الموافق 1989م.

وكانت وفاته طبيعية جدا مع أنه كان يعاني من مرض تضيق شرايين القلب ومن داء السكري الذي أصابه منذ فترة طويلة إلا أنه في ليلة وفاته كان في قمة و أوج نشاطه الجسمي والعقلي.

ولكن قدر الله أن تكون وفاته في صباح اليوم التالي فلاقى ربه في أثناء نومه دون معاناة أو ألم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى