منوعات

المؤتمر الافتراضي لـ “الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع”.. يناقش نشر الوعي الصحي لدى كل شرائح المجتمع السعودية فيما يتعلق بالتطعيم

من منطلق إيمانها بأهمية نشر الوعي الصحي لدى كل شرائح المجتمع في المملكة العربية السعودية، وبصفة خاصة ما يتعلق بالتطعيم. نظمت مؤخراً “الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع”، فرع جدة، مؤتمرها افتراضي, لتسليط الضوء على الحملة التوعوية الصحية الموجهة للمجتمع والهادفة للتعريف بأهمية التطعيمات واللقاحات الوقائية والتي يعتزم فرع الجمعية بجدة إطلاقها بالتعاون مع شركة غلاسكو، المتخصصة في صناعة اللقاحات، وأكد نائب رئيس الجمعية البروفسور أشرف أمير أن الجمعية تهدف من خلال تنظيم هذا المؤتمر إلى زيادة نشر الوعي الصحي لدى كل شرائح المجتمع في المملكة العربية السعودية، خصوصاً فيما يتعلق بالتطعيم.

تاريخ الأوبئة

تحدث في المؤتمر الدكتور منصور خلف مدير المجموعة الطبية للقاحات بشركة غلاسكو (gsk)، مسلطاً الضوء على تاريخ التطعيم وتطوره في عالمنا والفترات التاريخية التي تسببت فيها الأوبئة بإلحاق خسائر فادحة للبشرية. وأوضح الدور الكبير الذي قدمته التطعيمات للبشرية على مدار التاريخ، فقد ساعدت التطعيمات على حماية الناس في جميع مراحل الحياة منذ الولادة (بتطعيم الحوامل) وتطعيمات مرحلة الرضاعة والطفولة والمراهقة حتى مرحلة البلوغ وكبار السن. فقد بلغ عدد الأطفال الذين تتم حمايتهم من الإعاقة سنوياً 750 ألفاً وعدد الوفيات التي يمنعها التطعيم 2 – 3 ملايين.

الوقاية من الأمراض

وعن مفهوم التلقيح أو التمنيع، أوضح الدكتور خلف أنها عملية إعطاء اللقاح لإنتاج مناعة ضد مرض معين، فالتطعيمات يتوقف دورها الرئيسي على الوقاية من الأمراض وتستخدم للأصحاء ولعدد كبير من الناس، وغالباً ما تتطلب إعطاء جرعات متعددة لفترات ممتدة قد تصل إلى أشهر أو سنوات. وتعليقاً على مخاوف البعض من أخذ اللقاحات، أوضح د. خلف أن مراقبة سلامة التطعيمات تتم في جميع الأوقات من خلال أنظمة التيقظ الدوائية المحلية والعالمية، حيث تتم مراقبة السلامة خلال مرحلة التطوير ما قبل الاستخدام السريري وخلال مرحلة التطوير السريري ثم مرحلة ما بعد التصريح والاستخدام، التي تعد دورة كاملة ومستمرة من المراقبة والتقييم تتراوح مدتها من 5 إلى 15 عاماً وأحياناً أكثر.

وأكد د. منصور خلف أن زيادة الحاجة إلى اللقاحات تتناسب عكسياً مع درجة المناعة في المراحل العمرية المختلفة، ففي الأطفال حديثي الولادة تكون المناعة لديهم غير مكتملة، ما قد يعرضهم لخطر الإصابة بالأمراض فتزداد الحاجة إلى التطعيمات، وتتطور المناعة خلال مرحلة الطفولة، حيث يتعرض الأطفال إلى مسببات الأمراض التي تزيد من درجة مناعتهم، ثم تضعف تدريجياً مع تقدم العمر، ما يزيد من خطر العدوى والمرض وتزداد الحاجة إلى التطعيمات. كما سلط الضوء على دور التطعيمات في خفض حالات الأمراض المستهدفة بالتطعيم بشكل كبير في السنوات الأخيرة، فقد انخفضت حالات شلل الأطفال بنسبة 99 في المائة وحالات الحصبة الألمانية بنسبة 96 في المائة، كما تراجعت حالات السعال الديكي بنسبة 94 في المائة (من 1,982,000 حالة في عام 1980 إلى 123 ألف حالة في عام 2016). وفي هذا الشأن، تشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن معدل الإصابة بالأمراض لا يزال مرتفعاً عالمياً، فقد وصل عدد الوفيات بسبب السل، مثلاً، إلى مليون ونصف المليون في عام 2018 والوفيات بسبب التهاب الكبد «ب» إلى 106 ألفاً في عام 2015 وأكثر من 3 ملايين حالة وفاة بسبب داء الانسداد الرئوي المزمن في عام 2015.

تكثيف التوعية

إن هذه المؤشرات تؤكد ضرورة أخذ اللقاحات لجميع الأعمار، لما لها من فوائد في الحد من المقاومة للمضادات الحيوية وتوسيع نطاق الحماية لغير المحصنين من خلال المناعة المجتمعية والتأثير الإيجابي على نمو المجتمع وزيادة الإنتاجية. ولا بد من تكثيف التوعية الصحية للفرد والمجتمع بأهمية أخذ اللقاحات لتفادي الآثار السلبية المترتبة على تركها أو إهمالها.

المناعة المكتسبة

من جانبه أشار الدكتور سامي بن صالح عيد، استشاري طب الأسرة المشرف العام على فرع جدة للجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع، إلى أن اللقاح هو مستحضر بيولوجي يقدم المناعة المكتسبة للجسم تجاه مرض معين، وذلك من خلال تعريف الجهاز المناعي على الميكروب وإنتاج أجسام مضادة. وهناك أنواع متعددة من اللقاحات تعمل بطرق مختلفة لمحاربة الأمراض.

ويحتوي اللقاح على بكتيريا أو فيروسات ميتة أو ضعيفة لا تملك القدرة على إحداث المرض، ويتم إعطاؤه لتحفيز الجهاز المناعي لإنتاج أجسام مضادة تتعرف على الميكروب بشكل مبكر، وبالتالي تقوم بمحاربته إذا دخل الجسم مرة أخرى وتمنع حدوث المرض.

قصة نجاح التحصينات

يذكر أن منظمة الصحة العالمية قد وصفت التحصينات بأنها قصة نجاح لتطور الصحة عالمياً، للأسباب التالية:

• اللقاحات حجر الأساس للصحة العامة والوقاية من الإصابة بالأمراض المعدية، حيث تقي من أكثر من 25 مرضاً معدياً وتحمي نحو 2 أو 3 ملايين شخص من الوفاة كل عام، ومع ذلك فإن نحو 22.5 مليون طفل في جميع أنحاء العالم لا يزالون في عداد المفقودين من اللقاحات.

• إعطاء اللقاحات للمواليد يمنحهم فرصة النمو السليم والتمتع بصحة جيدة مع تحسين فرص الحياة لديهم، كما أن اللقاحات تقضي على الأمراض المعدية التي كانت شائعة في الماضي أو التي تسبب مضاعفات شديدة أو الموت.

• اللقاحات لا تحمي أفراداً فحسب، بل تحمي المجتمعات بأكملها، وتسهم في خفض معدلات الوفيات، وتقي من الإصابة بالأمراض المعدية.

• اللقاحات تسهم في منع تطور المقاومة للمضادات الحيوية من خلال التقليل من استخدامها.

• تؤمن للمطعمين السفر الآمن والتنقل المريح، إضافة إلى أهميتها الإقتصادية التي تكمن في توفير تكاليف علاج الأمراض عند الإصابة بها.

تطعيمات الكبار

تحدث في المؤتمر البروفسور أشرف أمير استشاري طب الأسرة نائب رئيس الجمعية السعودية لطب الأسرة والمجتمع بالمملكة، وأكد أن التطعيمات للبالغين وكبار السن هي حجر الأساس للصحة العامة، وهي وسيلة تتم بواسطتها حماية الشخص من الإصابة بالأمراض المعدية، التي تَلْقَى، وبكل أسف، تجاهلاً من بعض مقدمي الخدمات الصحية، وتلقى في المقابل عزوفاً من كثير من أفراد المجتمع. فالتطعيمات تحمي الكبار من أكثر من 14 مرضاً معدياً وخطيراً منها: الالتهاب الكبدب الوبائي والتهاب المكورات الرئوية والإنفلونزا والحمى الشوكية والحزام الناري والحصبة الألمانية والورم الحليمي البشري. ومعظم هذه الأمراض المعدية تهدد سلامة بعض الفئات المعرضة للخطر مثل كبار السن ومن هم فوق 65 سنة ومرضى الأمراض المزمنة ومرضى ضعف المناعة، بل وتعرضهم لخطر مضاعفات هذه الأمراض المعدية، التي قد تصل بهم إلى الوفاة. وفي ظل التطعيمات الحديثة والمطورة أصبح الحصول عليها حماية للأمهات الحوامل والمواليد وكذلك لمقدمي الخدمات الصحية والمسافرين، وهي في مجملها لا تحمي الأفراد فحسب، بل المجتمعات بأكملها.

يحتاج الكبار للتطعيمات لأن الدراسات تشير إلى أن ليس كل الكبار مطعمين، والمطعمون منهم يحتاجون إلى جرعات منشطة، ومعظمهم مصابون بأمراض مزمنة جعلتهم أكثر عرضة لخطر الأمراض المهددة للحياة، وقد توفرت حالياً تطعيمات حديثة ومهمة، بالتطعيم يمكن الوقاية من كثير من تبعات الأمراض المعدية، وبناء مناعة القطيع وحماية مقدمي الخدمات الصحية والمسافرين.

سلوكيات المجتمع السعودي تجاه تطعيم الإنفلونزا الموسمية

الجدير بالذكر أن إحدى الدراسات التى أجريت في عام 2017 لمعرفة سلوكيات المجتمع السعودي تجاه تطعيم الإنفلونزا الموسمية، التي شملت أكثر من 1298 فرداً سعودياً فوق عمر 19 سنة، قد أوضحت أن 44.53 في المائة من الأفراد حصلوا على تطعيم الإنفلونزا الموسمية، و36.67 في المائة لديهم المعرفة بأن التطعيم ضروري لحماية مرضى الأمراض المزمنة و9.48 في المائة من النساء يعرفن أن التطعيم ضروري للأمهات الحوامل. ومن جهة أخرى، أوضح كثير من الدراسات في منطقة الخليج العربي أن نسبة معدلات تغطية التطعيمات لدى الكبار في المنطقة دون المستهدف، وتحتاج النظم الصحية في دول الخليج إلى تبني كثير من الإجرات لتحسين التغطية.

وتبقى التغطية المثلي للتحصينات لدى الكبار في مجتمعنا هي مسؤولية مشتركة تتضافر فيها جهود الجهات الصحية وغير الصحية مثل وزارة الصحة ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة التعليم والجمعيات التطوعية في مجالات الصحة، بالإضافة إلى المسؤولية المجتمعية للشركات والمصانع والمؤسسات لدعم رفع ثقافة وعي المجتمع تجاه هذه التطعيمات من خلال الفعاليات والبرامج الموجهة لخدمة المجتمع.

المواليد والحوامل

• المواليد وصغار الأطفال:

أوضح الدكتور سامي عيد أن اللقاحات آمنة للجميع، حيث إنها تخضع لاختبارات السلامة قبل الموافقة عليها وتتم مراقبة نتائجها باستمرار، ولا تقتصر على فئة عمرية محددة، وإنما تُعطى للرضع والأطفال وللنساء الحوامل ولكبار السن وللمصابين بضعف في الجهاز المناعي، بسبب الخضوع لعلاج السرطان مثلاً، كما يُوصى بإعطائها للمصابين بأمراض مزمنة وللحجاج والمسافرين لمناطق موبوءة.

إن أول لقاح يحصل عليه الطفل يكون مصدره المناعة التي اكتسبتها الأم من اللقاح أثناء الحمل فتنتقل إليه وتوفر له حصانة ضد أمراض خطيرة خلال الأشهر الأولى من حياته قبل حصوله على تطعيماته، ثم يبدأ بأخذ التطعيمات الأساسية وفقاً للجدول الوطني للتطعيمات، اعتباراً من لحظة الولادة، تليها الجرعات المنشطة التي تستمر حتى دخول الصف الأول الابتدائي. ونؤكد أن الفائدة القصوى من اللقاحات تكون عند أخذها في مواعيدها المحددة، وعدم تأجيلها إلا في حالة ارتفاع درجة الحرارة أو الإصابة بمرض حاد أو عند تلقي أدوية وعلاجات مثبطة للمناعة، فتأخير أخذ اللقاح قد يعرض الطفل لخطر الإصابة بالأمراض المستهدفة.

• تطعيمات الحوامل:

يقول الدكتور سامي عيد إن التحصينات تساعد في حماية الأم والطفل من الأمراض، وتقي الأم طوال فترة الحمل. ومن المهم أن يحصل جميع أفراد المنزل على تطعيماتهم المعتادة في أوقاتها قبل الحمل، لأن المولود يكتسب العدوى بسهولة وتكون عادة شديدة خصوصاً في الأشهر الأولى من حياته.

يجب التأكد من أخذ اللقاحات الضرورية قبل الحمل وفي أوقاتها المناسبة لتساعد في المحافظة على صحة الأم والجنين، وهي: الثلاثي الفيروسي (الحصبة، والحصبة الألمانية، والنكاف)، والجدري المائي، والتهاب الكبد «ب»، والإنفلونزا، والثلاثي البكتيري (الكزاز، والدفتيريا، والسعال الديكي)، وفيروس الورم الحليمي البشري. ويفضل أن تعطى جميعها قبل الحمل بشهر كامل أو أكثر. أما لقاح التهاب الكبد «ب»، والإنفلونزا، والثلاثي البكتيري، فيمكن إعطاؤها أثناء الحمل.

– أرقام عالمية

وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن عدد الأطفال غير الحاصلين على التطعيم حول العالم بدأ في الازدياد ووصل إلى 13 مليوناً بسبب قلة الوعي وانخفاض مستوى المعيشة في بعض الدول بجانب تأثير «كوفيد – 19» على اصطحاب العائلات أطفالها للتطعيم بمراكز الرعاية الصحية تحسباً من الإصابة بالعدوى، ما قد يؤدي إلى تفشي الأمراض المهددة للحياة مرة ثانية مثل شلل الأطفال والحصبة والحصبة الألمانية، بعد النجاح الذي حققته التطعيمات متمثلاً في الانخفاض الذي شهده العالم في حالات الإصابة بشلل الأطفال (من نحو 350 ألفاً عام 1988 إلى 33 ألفاً عام 2018)، وأعداد الوفيات الناتجة عن الحصبة (من 536 ألفاً عام 2000 إلى 142 ألفاً عام 2018)، وإصابات الحصبة الألمانية (من 671 ألفاً عام 2000 في 102 دولة إلى 15 ألفاً عام 2018 في 151 دولة).

وتطمح المنظمة في أن يصل التطعيم إلى 86 في المائة من سكان العالم الذي لن يحمي فقط صحة الأطفال ومجتمعاتهم، ولكن أيضاً سيحمي الخدمات الصحية من موجة ثانية من تبعات الأمراض المستهدفة بالتطعيمات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى