الحكيم

عيّنه السادات مستشارا طبياً للرئاسة بقرار جمهوري.. د. محمد غنيم.. رائد زراعة الكُلى في الشرق الأوسط

الدكتور محمد غنيم، هو أحد روّاد زراعة الكلى في مصر والعالم، ومدير أوّل مركز متخصص في زراعة الكلى في الشرق الأوسط. حائز على جائزة الدولة المصرية التشجيعيّة في العلوم الطبية عام 1978 وعلى جائزة الملك فيصل العالميّة عام 1999، وجائزة مبارك في مجال الطب عام 2001م. وسبق له الحصول على جائزة حمدان لتكريم الشخصيات الطبية المتميزة في الوطن العربي.

نجح “غنيم” في إجراء أوّل جراحة نقل كلية في مصر عام 1976 بأقلّ الإمكانيات، وبمساعدة فريق من أطباء “قسم 4” المختص بأمراض الكلى والمسالك. تخرّج من كلية الطب في المنصورة من قسم طب المسالك البوليّة.

وُلد البروفيسور غنيم بالقاهرة، فى مارس 1939م، ثم انتقل إلى مدينة المنصورة، درس وتخرج في كلية الطب جامعة عين شمس قسم طب المسالك البولية. أسس مركزاً عالمياً في مجال الكلى والمسالك البولية في مدينة المنصورة المعروف باسم “مركز غنيم”.

والدكتور غنيم ليس جراحًا ماهرًا فحسب إنما أيضاً مفكر سياسي بارع، وله آراء معتبرة في قضايا التعليم والبحث العلمي، كما أنه المنسق العام لتحالف الوطنية المصرية وأحد مؤسسي الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي.

غنيم.. السيرة والمسيرة

حصل على درجة الدبلوم في تخصص الجراحة عام 1963، ودبلوم في المسالك البولية عام 1964، ثم على درجة الماجستير في المسالك البولية من جامعة القاهرة عام 1967. بعدها سافر إلى انجلترا للتدريب لمدة عامين ليحصل على درجة الزمالة، ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها إلى كندا لمدة عام.

وبعد عودته إلى مصر، تم تعيينه مدرسا في كلية الطب جامعة المنصورة عام 1975 التي كانت ناشئة جديدة في ذلك الوقت، ومنذ ذلك الحين استقر العالم المصري الكبير فى المنصورة ليسطر أمجادا علمية وتحديات طبية وانجازات عديدة تدخله التاريخ كواحد من رواد النهضة العلمية والطبية في مصر.

والفضل في تميز تجربة الطب في المنصورة يعود بالأساس لتميز الدكتور غنيم، بحسب تأكيدات كبار أساتذة الطب الحاليين بجامعة المنصورة، وهو ما اتضح منذ جراحة نقل الكلية الأشهر التي قام بها غنيم لأول مرة فى مصر، فبدلا من أن يتصدر غنيم المشهد، ويستأثر وحده بالأضواء كما هي العادة، فوجئ الجميع بالرجل ينسحب بهدوء، بعد أن أناب عنه من يقوم بتعريف هذا الإنجاز، وهو يؤكد أنه ليس وحده صاحبه، وأن التجربة نتاج جهد جماعي لقسم الكلى والمسالك، وفريق “قسم 4″، الذي نشرت الصحف عن إنجازهم الطبي، وتناقلت تصريحاتهم وصورهم، دون أن تنشر صورة واحدة للدكتور غنيم، قائد الفريق وصاحب الفضل الأول، الذي كان منشغلا وقتها بفكرة أخرى، أكبر من مساحات الصحف التي احتفت بالإنجاز، أكثر بريقا من أضواء فلاشات الكاميرات.

مركز المنصورة العالمي

كانت الفكرة المسيطرة على الدكتور غنيم حينها هي إنشاء مركز متخصص في جراحات الكلى والمسالك البولية تحت مظلة الجامعة، وهو ما استطاع تحقيقه بالفعل بعد مشوار طويل من الكفاح، حتى خرج المركز الأشهر والأول فى مصر والشرق الأوسط إلى النور ليعالج أكثر من مليون و800 ألف مريض خلال 26 عاما بالمنصورة.

وفى عام 1978 زار الرئيس الراحل المصري محمد أنور السادات بزيارة قسم الكلى بالمستشفى الجامعي فشاهد طفرة ملحوظة في عمليات الكلى، وقام غنيم بشرح أهمية إقامة مركز خاص للكلى منفصل عن مستشفى الجامعى، وبالفعل تحمس السادات لفكرة غنيم، لإنشاء مركز متكامل ومتخصص في جراحات الكلى والمسالك البولية، هو الأول من نوعه فى مصر والشرق الأوسط.

وعيّنه السادات مستشارا طبياً له، ليسهل عليه التحرك خلال الروتين الحكومي العتيد، وليتمكن من إنجاز مشروعه بالمرونة اللازمة، وهو ما حدث بالفعل، فقد وافقت جامعة المنصورة على مشروع غنيم، وخصصت له جناحا صغيرا ملحقا بمستشفى الجامعة، إلى أن تم تخصيص قطعة أرض للمركز، وبدأ غنيم وقتها في البحث عن التمويل اللازم؛ فطرق أبواب المنح الخارجية من أمريكا وأوروبا وبعض الدول العربية، ولكنه لم يوفق، بعد رفض أغلب الجهات السابقة تمويل المشروع، فيما عدا هولندا التي دعمت المركز بجزء من التمويل بمنحة سخية.

وهنا برز دور المجتمع المحلى، وأهالي المنصورة الذين دعموا المركز بتبرعاتهم، بالإضافة إلى قبولهم تسديد رسوم على بعض الخدمات التي تقدمها لهم المحافظة، لتذهب حصيلتها إلى المركز، حتى اكتمل البناء، وأصبح حلم الدكتور غنيم واقعا في عام 1983، وأصبح الدكتور غنيم مدير أول مركز متخصص بزراعة الكلى في الشرق الأوسط بمدينة المنصورة.

ولم يكتف غنيم بالانتهاء من المركز؛ لقناعته بأن المعادلة لا تقتصر فقط على مبان وتجهيزات، من دون الاهتمام بالجانب البشري، ودون نظام صارم يدور الكل في فلكه، لا العكس، وهو ما كان على رأس ما اهتم به، تفرغ أطباء المركز للعمل فيه فقط، لأنه مقتنع بأن الطبيب الذي يعمل في مؤسسة ناجحة، لابد أن يكون متفرغا، وفى سبيل ذلك استند غنيم إلى القانون ليصبح التفرغ إجباريا للعمل فى المركز، حتى حصول الطبيب على درجة الدكتوراه ومرور 3 سنوات على ذلك، وفى مقابل ذلك أقر غنيم حوافز العاملين في المركز بنسبة 100 % كبدل لتفرغهم، ولأنه مقتنع بذلك أشد الاقتناع فقد بدأ بنفسه، وتفرغ نهائيا للمركز طوال حياته المهنية، ولم يفتتح عيادة خاصة به حتى اليوم.

إسهامات غنيم العلمية:

•إجراء أول جراحة نقل كلية في مصر سنة 1976.

•إنشاء مركز عالمي متخصص في جراحات الكلى والمسالك البولية بالمنصورة [الأول من نوعه في مصر والشرق الأوسط].

•قام بنشر عدد كبير من الأبحاث العلمية القيمة في المجلات والدوريات العالمية.

•تدريب عدد كبير من الأطباء العرب والأجانب “خصوصا الأوروبيون”.

إصدارات العالم:

•أصدر العالم الكبير نحو 47 كتابا تنوعت بين كتب كاملة أو فصول من كتب لدور نشر عربية وعالمية باللغتين العربية والإنجليزية.

•قام العالم الكبير ما يقرب من 130 ورقة بحثية في كبرى المجالات العلمية.

الجوائز والشهادات الفخرية

حصل البروفيسور غنيم على العديد من الجوائز المحلية والعالمية وجوائز الشرف. ومن هذه الجوائز، جائزة الدكتور فخري للبحث المتميز في العلوم الجراحية (1978)، وجائزة ميدالية سان بول من الجمعية البريطانية للمسالك البولية (1992) والجائزة الوطنية للعلوم الطبية في مصر (1997) وجائزة الجمعية الطبية العربية الأمريكية (2000)، وميدالية هاري سبنس من الجمعية الأمريكية للجراحات البولية التناسلية (2002)، وجائزة الرواد العرب، مؤسسة الفكر العربي (2003)، وميدالية فليكس جيون، الجمعية الدولية للمسالك البولية (2006). كما حصل على الشهادات الفخرية والدكتوراه الفخرية من: جامعة جوتبورج في السويد (1988)، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا (2003)، وجامعة الجزيرة في السودان (2007)، وكذلك حصل على الزمالة الشرفية، من الكلية الدولية للجراحين (2007).

وقد تم اختيار البروفيسور محمد غنيم للفوز بجائزة حمدان للشخصيات الطبية المتميزة في العالم العربي للدورة 2013 – 2014 لما قام به من أعمال كبيرة في سبيل تطوير خدمات الرعاية الصحية في الدول العربية، ومساهماته الجديرة بالثناء لتطوير الخدمات الطبية والتعليم في العالم العربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى