تكنولوجيا طبية

جهاز يقيس “الضغط النفسي” عن طريق شمع الأذن!

هل تخيلت أنه بتحليل منزلي بسيط لعيّنة مأخوذة من شمع الأذن، يمكنك تحديد معدل الإصابة بالاكتئاب أو التوتر؟ هذا ما توصلت له دراسة بريطانية حديثة. فكيف يعمل هذا الأمر؟ وهل يصلح للكشف عن الإصابة بكورونا؟

تبيّن أن في المستطاع الاستفادة من شمع الأذن في قياس مستويات الضغط النفسي والاكتئاب لدى الناس، حسبما كشف علماء أخيراً.

في التفاصيل أن فريقاً من الباحثين طوّر جهازاً، يشبه أعواد القطن التقليدية لجمع عيّنة من شمع الأذن بغرض تحليلها. بعد ذلك، ترسل العيّنة إلى المختبر الطبي، حيث يُصار إلى تحليلها بغية الكشف عن مستويات “الكورتيزول”، هرمون ينتجه الجسم استجابة لمكابدته ضغوطاً نفسية.

وتشير نتائج البحث المنشورة في المجلة الأكاديمية “هيليون”، إلى طريقة أقل كلفة وأكثر فاعلية لقياس مستوى “الكورتيزول” في الجسم من أجل مراقبة الاكتئاب وحالات صحية أخرى مرتبطة بمواجهة ضغوط نفسية.

ويعتقد العلماء أن الفحص الجديد الذي يمكن إجراؤه في المنزل من دون إشراف طبي سريري، ربما يكون مفيداً أيضاً في قياس مستويات الغلوكوز ومراقبة داء السكري، أو ربما حتى رصد الأجسام المناعية المضادة لكورونا.

ومن المعلوم أن الوسيلة الأكثر شيوعاً لقياس هرمون الضغط النفسي “الكورتيزول”، تتمثّل في أخذ عيّنات من الشعر- غير أن هذه الطريقة تستغرق وقتاً أطول وتكلفة مالية أعلى، مقارنةً بطريقة اختبار شمع الأذن، وفي الغالب تتأثّر أكثر بتقلبات قصيرة المدى تطرأ على مستوى “الكورتيزول” في الجسم.

تحدث عن الابتكار الباحث الرئيس في الدراسة، الدكتور أندريس هيران فيفيس من “معهد علم الأعصاب الإدراكي” في كلية لندن الجامعية، فقال “من المعروف أن أخذ عيّنات الكورتيزول إجراء طبي بالغ الصعوبة، ذلك أن مستويات الهرمون يمكن أن تتغيّر، لذا يحتمل ألا تعطي العيّنة المأخوذة صورة دقيقة عن مستويات الكورتيزول المزمنة لدى الشخص”.

وأسهب هيران فيفيس في شرحه مضيفاً، “علاوة على ذلك، يمكن للأساليب نفسها المعتمدة في أخذ العيّنات أن تسبب توتراً، وتؤثّر تالياً في النتائج. بيد أن مستويات الكورتيزول في شمع الأذن تبدو أكثر استقراراً، وبواسطة جهازنا الجديد، من السهل أخذ عيّنة (من شمع الأذن) وفحصها بسرعة وبكلفة زهيدة، وعلى نحو فاعل”.

عند تطوير الجهاز الجديد، استوحاه الدكتور هيران فيفيس، كما قال، من شمع طبيعي آخر هو قرص عسل النحل، ذلك أنه معروف بأنه محفوظ بحالة جيدة ومقاوم للتلوّث البكتيري.

يتميّز شمع الأذن بخصائص مماثلة، ما يجعله مناسباً تماماً لأخذ عيّنات منه في المنزل، نظراً إلى أنه في الإمكان إرسالها إلى مختبر طبي بواسطة البريد من دون وجود مخاطرة كبيرة بأن تتعرّض للتلوث.

يشبه جهاز أخذ عيّنات شمع الأذن عود تنظيف الأذن، ولكن مع وجود كابح يمنعه من التوغّل كثيراً داخل الأذن وإلحاق ضرر بها.

تغطي رأس الجهاز إسفنجة مصنوعة من مادة عضوية مشبّعة بمحلول معيّن.

وللتأكد من فاعلية الجهاز، أجرى الباحثون بالفعل دراسة تجريبية تضمّنت 37 متطوعاً بهدف اختبار تقنيات مختلفة تستخدم في أخذ عيّنات “الكورتيزول”.

حصل فريق البحث، المكوّن من علماء من المملكة المتحدة وتشيلي وألمانيا، على عيّنات من شمع الأذن لدى المشاركين، مستعينين بطريقة اعتيادية تتطلّب استعمال حقنة، ومعروفة بأنها مؤلمة إلى حدّ ما، وبعد مرور شهر تابعوا أخذ العيّنات مستخدمين الإجراء ذاته في واحدة من الأذنين، والجهاز الجديد في الأذن الأخرى.

كذلك حلّل الباحثون عيّنات شعر ودم تعود للمشاركين أنفسهم، فوجدوا أن عيّنات شمع الأذن حملت نسبة أكبر من “الكورتيزول” مقارنة بعيّنات الشعر، وأن تقنية مسحة الأذن كانت الطريقة الأسرع وربما الأرخص.

ويأمل الباحثون في أن يساعد الجهاز الجديد لاحقا، بعد المزيد من البحث والاختبار، في الكشف عن الإصابة بفيروس كوفيد 19 من خلال الكشف عن الأجسام المضادة التي تتراكم بشمع الأذن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى