درهم وقاية

يعالج 40 نوعاً من الأمراض المختلفة.. “الطب الصيني التقليدي” يغزو العالم بمسارات الطاقة!

ينظر الكثيرون للطب الصيني التقليدي باعتباره أحد الموروثات  الرئيسية للحضارة الصينية، ويعتمد حكم الأطباء التقليديون الصينيون على مرضاهم من خلال ملاحظة مظهرهم، وتوجيه الأسئلة إليهم، وجس نبضهم، وكتابة التذاكر الطبية لهم بناء على خبراتهم و بناء على الوصفات الطبية القديمة، وتتكون معظم عناصر الطب الصيني من الأعشاب.

ومن جهة أخرى يزداد الطب الصيني شعبية في المجتمعات الغربية يوما بعد يوم، بسبب هروب الناس من الأدوية الكيميائية، التي يعتقدون أن مضاعفاتها أكثر ضررا من فوائدها، إلى العلاج بالأعشاب والوخز بالإبر.

العلاج بالطب الصيني المعروف منذ القدم يعالج 40 نوعاً من الأمراض، أهمها الآلام والسرطان والشلل والتخسيس والتجميل

مسارات الطاقة الحيوية

الطب الصيني موجود منذ 5 آلاف عام، وأقرته “منظمة الصحة العالمية” التي أكدت أنه يعالج 40 نوعاً من الأمراض، ولم يهتم به الغرب كعلاج إلا بعد زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون للصين، عندما شاهد بنفسه عمليات جراحية معقدة ودقيقة استخدموا فيها الإبر الصينية كمخدر موضعي، وتأكد من أن المرضى في تلك الحالات لم يتعرضوا لأعراض جانبية.

وتؤكد الدكتورة د. عبير النجار – المتخصصة في العلاج الطبيعي والطب الصيني – أن العلاج بالطب الصيني المعروف منذ القدم يعالج 40 نوعاً من الأمراض، أهمها الآلام والسرطان والشلل والتخسيس والتجميل والتخلص من الرائحة الكريهة، موضحة أن الوخز بالإبر، وهو أحد طرق العلاج بالطب الصيني التقليدي، يقوم على تنشيط مسارات الطاقة الحيوية عن طريق تحديد نقاط في الجسم يبدأ منها العلاج.

وتقول الدكتورة عبير إن العلاج الطبيعي لا يمكن أن ينجح إلا بالطب الصيني الذي يأتي بنتائج علاجية سريعة ومذهلة، خصوصاً في الآلام والتخسيس وتجاعيد الوجه، مشيرة ِإلى أن  آلام الظهر، والرقبة، والمفاصل، هي أمراض اشتغلت على علاجها بالإبر الصينية وحققت نتائج سريعة أذهلت أصحابها الذين كانوا يعيشون على مسكنات تبين أنها دمرت جهازهم الهضمي، وذلك إلى جانب حالات الغثيان وأمراض الجهاز الهضمي، والعديد من الأمراض الأخرى.

يتعامل الطب الصيني مع 12 خطا رئيسيا في ‏جسم الإنسان تتفرع عنها خطوط وتشعبات لا حصر لها وأبرزها “الينغ” و”اليانغ” وهى تمثل ‏السلبي والإيجابي كما هو الحال في التيار الكهربائي

وتشير الدكتورة عبير إلى أن الطب الصيني هو عبارة عن خريطة معقدة جداً، تسمى “مسارات الطاقة الحيوية”، وكل مسار من تلك المسارات متصل بعضو أو أكثر من أعضاء الجسم، كما أن تحديد نقاط مسارات الطاقة لها تأثير كبير في الاستجابة للعلاج بالوخز بالإبر، عن طريق قواعد علمية دقيقة لا بد من إتباعها للوصول إلى أعلى درجات العلاج، لأن عملية الوخز بالإبر دقيقة جداً وتتعلق بجزء من 100 من المليمتر، والصينيون حددوا 365 موقعاً في جسم الإنسان لوخز الإبر لإعادة التوازن لجسم المريض، وأي خطأ في القيام بالوخز يؤدي لحدوث نزيف دموي تحت الجلد، ما يؤدي لأمراض خطرة.

ويتعامل الطب الصيني مع 12 خطا رئيسيا في ‏جسم الإنسان تتفرع عنها خطوط وتشعبات لا حصر لها وأبرزها “الينغ” و”اليانغ” وهى تمثل ‏السلبي والإيجابي كما هو الحال في التيار الكهربائي، وهناك ستة خطوط تتصل ‏بالرئتين والقلب والكبد والكليتين، إلى جانب ستة خطوط أخرى تتصل بالكتل العصبية ‏والدماغ والمراكز الأكثر حساسية.

اعتراف عالمي

انتشر هذه النوع من الطب في كل أنحاء العالم، واعترفت به “منظمة الصحة العالمية”، كما أنه يُدرّس في معاهد وكليات متخصصة في دول الغرب، وتوجد مراكز تعالج بالطب الصيني في معظم دول أوربا والولايات المتحدة، وفي بعض الدول العربية والدول الأفريقية.

ظل الطب الصيني التقليدي يساعد شعوب القارة الأفريقية على علاج الأمراض لعقود عديدة، ومنذ الستينات من القرن الماضي, أرسلت الصين أكثر من 15 ألف طبيب إلى أفريقيا

ووفقا للإحصائيات الرسمية في جنوب أفريقيا, تم تسجيل أكثر من 1000 طبيب كممارسين للطب الصيني التقليدي, بما فيهم أطباء الطب الغربي المحليين الذين يستخدمون أيضا طرق العلاج بالطب الصيني التقليدي, وأكد رئيس “هيئة الحرف الطبية التقليدية” بجنوب أفريقيا اسحاق كيكانا، في اجتماع حول تطور الطب الصيني التقليدي في بلاده, أن الطب الصيني قد انتشر بصورة جيدة في عموم البلاد، وأن تدريبه الطبي رفيع المستوى حظي باعتراف الهيئة.

وظل الطب الصيني التقليدي يساعد شعوب القارة الأفريقية على علاج الأمراض لعقود عديدة، ومنذ الستينات من القرن الماضي, أرسلت الصين أكثر من 15 ألف طبيب إلى أفريقيا, بينهم الكثير من الأطباء الذين يستخدمون طرق العلاج بالطب الصيني التقليدي.

ولم يذهب الأطباء الصينيون إلى أفريقيا فقط, بل سافر الأفارقة الذين أدركوا فعالية الطب الصيني إلى الصين أيضا، لدراسة علوم الطب الشرقي، وحسب إحصاءات سلطات التعليم الصيني, درس أكثر من ألف طالب أفريقي هذا الطب, وحصل بعضهم على شهادات الماجستير والدكتوراه في الطب الصيني التقليدي.

ويلعب الطب الصيني التقليدي دورا نشطا في مكافحة الأمراض المعدية في أفريقيا مثل الإيدز والملاريا، وفي تنزانيا, كان ولا يزال يستخدم لمعالجة الايدز منذ أكثر من 20 عاما، وبدأ أطباء الطب الصيني التقليدي يتوافدون على تنزانيا في عام 1987م بعد أن دعاهم الرئيس التنزاني يوليوس نيريري للحد من انتشار الإيدز في بلاده باستخدام الأودية الصينية التقليدية، وأظهر تحليل طبي أن الطب الصيني فعال في تقليل نسبة فيروس نقص المناعة وزيادة عدد خلايا المناعة (سي دي 4) في جسم الإنسان.

يلعب الطب الصيني التقليدي دورا نشطا في مكافحة الأمراض المعدية في أفريقيا مثل الإيدز والملاريا، وفي تنزانيا, كان ولا يزال يستخدم لمعالجة الايدز

ولمساعدة أفريقيا في السيطرة على الملاريا, قررت الحكومة الصينية تقديم 37 مليون دولار أمريكي لمكافحة المرض، وخلال العام الماضي قدمت الصين الأدوية المضادة للملاريا لـ33 دولة افريقية، كما تم تأسيس مركز صيني لمنع ومعالجة الملاريا، وفى ضوء هذه الخطة حصل كل مريض بالملاريا على جرعة واحدة من خلطة علاجية تتألف أساسا من مادة “أرتيميسينين”، بالإضافة إلى مادة “بريماكوين” التي يتناولهما المريض معا للقضاء على الفيروس.

وتنصح “منظمة الصحة العالمية” باختيار الخلطة التى تحتوى على مركب “أرتيميسينين “المستخرج من أعشاب تزرع غالبا في الصين, كدواء لمكافحة الملاريا.

وبالإضافة إلى ذلك فإن نفقة العلاج بالطب الصيني أقل بكثير من نفقات الطب الكيماوي, وهي ميزة مهمة لمعظم الأفارقة الذين مازالوا يعانون من الفقر، وكذلك فإن عقاقير معالجة الإيدز أرخص بكثير من أدوية غربية أخرى، حيث تصل كلفة الجرعة لليوم الواحد دولارا واحدا في المتوسط.

يعتبر “التاي شي شوان” فنا مركبا يتطلب الصبر والقدرة على التأقلم ‏والتغيير، ويقوم على مبدأ إعادة التوازن لطاقة الحياة

توازن نفسي وجسدي

من أساليب العلاج الصيني أداء تمارين “التاي شي شوان”، وهى تقوم على ‏استقامة العمود الفقري مع مستوى الرأس والمعدة عند المريض في اعتدال، وتجري ‏الحركات باسترخاء يقظ وبعقل نشط وحاضر.

ويوجد شكلان لهذه التمارين، الأول يتكون من 40 حركة لا تتكرر وتستغرق من 5 إلى ‏10 دقائق. وعلى الرغم من الاعتقاد في جدوى هذا الشكل وقائيا فإن تأثيره العلاجي ‏غير ملحوظ. أما التمرين الثاني فهو يتكون من 100 تمرين يستغرق من 20 إلى 40 ‏دقيقة، ويتكرر بطريقة تعكس إيقاع الحياة بتوازن بين ما هو نفسي وما هو جسدي.

ويعتبر “التاي شي شوان” فنا مركبا يتطلب الصبر والقدرة على التأقلم ‏والتغيير، ويقوم على مبدأ إعادة التوازن لطاقة الحياة، ففي حالات التوعك الجسماني أو ‏العاطفي يحدث جريان أسرع أو أبطأ من المطلوب لهذه الطاقة داخل الجسد، وأحيانا تتراكم هذه الطاقة في جزء أكثر مما عداه، في الرأس مثلا أو الصدر أو البطن ‏أو حتى القدمين، ويتكون الثقل في هذا الجزء مما يترتب عليه نوع من الخلل، فيشعر الإنسان بالمرض.

وبالإضافة إلى تمارين “التاي شي شوان” والعلاج بالاسترخاء، يوجد في الطب الصيني طرق عديدة ومتنوعة، كالعلاج بالإبر الصينية، والعلاج بالضغط بالأصابع، وطب الانعكاسات، و”الريكي”، وغير ذلك.

ويعتمد “طب الانعكاسات” في تعامله مع الأمراض على مسارات الطاقة التي تدور في الجسم، وقد حدد لكل عضو في جسم الإنسان نقطة في القدم إذا حُرضت فإنها تعالج هذا العضو أو المكان المصاب، وعادة ما تكون النقطة في نفس الجهة التي فيها العضو المصاب.

ووفق العلاج “بالريكي”، فإن جسم الإنسان يحتوي على مراكز طاقة تنطلق من شكل دوامات من داخل الجسم إلى خارجه، ويعتمد أسلوب العلاج “بالريكي” على هذا المفهوم، فهو يعتبر أن الكثير من الأمراض التي يعاني منها الإنسان لها علاقة بتعطل إحدى هذه المسارات، وبالتالي فهو يعمل على إعادة المسارات إلى وضعها الطبيعي.

ويحتاج العلاج “بالريكي” إلى جلسة ذات طابع خاص، حتى توفر جوا مريحا وهادئا، يساعد على التركيز، ويتم ذلك بإشراف معالج مختص في هذا اللون من العلاج، وعادة ما يحتاج الأمر إلى عدة جلسات حتى تكتمل الفائدة.

وقد أكدت نائبة رئيس مجلس الدولة الصيني “وو يى”، خلال مؤتمر “أنشطة الطب الصيني التقليدية” أن هناك آفاقا عريضة وإمكانيات ضخمة أمام تنمية “الطب الصيني”، مشيرة إلى أن الصين يوجد بها حاليا 3072 مستشفى للطب الصيني التقليدي بها 330 ألف سرير، كما افتتحت معظم المستشفيات العامة في البلاد أقساما لهذا الفرع من الطب الشعبي.  

وتسعى نائبة رئيس مجلس الدولة ِإلى إحياء الطب الصيني التقليدي من جديد، في ظل الجدل الدائر بين الخبراء والمواطنين حول هذا النوع من الطب البديل، في الوقت الذي وصل عدد الشركات التي تعمل في هذا المجال إلى أكثر من 1500 شركة تقوم بتصنيع أكثر من 9000 نوع من المنتجات الطبية الصينية.  

وكان الجدل قد وصل ذروته في هذا الخصوص عندما نشر أستاذ جامعي مقالا على الانترنت لجمع توقيعات الذين يؤيدون إلغاء الطب الصيني التقليدي، وطالب بفرض حظر رسمي على ممارسة هذا الطب في غضون خمسة أعوام.  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى