درهم وقاية

الأطباء يحذرون من استعمالها بشكل عشوائي.. 3000 “وصفة عشبية” غير صالحة للاستخدام الآدمي

على الرغم من الأهمية البالغة “للتداوي بالأعشاب”، إلا أن استخدامها بشكل عشوائي له آثار بالغة الخطورة، فحسب ما أعلنت عنه مراكز الأدوية الكبرى في الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا فإن هناك ما يزيد على خمسة آلاف نوع من الأعشاب، ولكن يجب الحذر من استخدام النباتات الطبية المخدرة والسامة، إلا بمعرفة الطبيب، وخاصة بعد ظهور عدد كبير من شركات الأدوية التي تستخدم مركبات كيماوية مخلوطة بالأعشاب، الأمر الذي أدى إلى زيادة الأعراض الجانبية وبعض الأمراض كالحساسية والالتهاب الكبدي والفشل الكلوي.

ويوضح الدكتور عبد الباسط الأعصر أستاذ قسم بيولوجيا الأورام “بمعهد الأورام القومي” بالقاهرة، أن مادة “السافرول” – يحتوي عليها زيت الخروع- التي تستخدم لإعطاء نكهة محببة لبعض الأطعمة ثبت أنها من مُسببات السرطان‏، وخاصة عند تناول المادة كمركب مفصول وبجرعات عالية، وهناك العديد من النباتات والأعشاب السامة إلا أنه يمكن استخراج بعض المواد الفعالة منها، فلكل دواء كيمائي توجد له محاذير في الاستخدام وتظهر له أعراض جانبية مع مرور الوقت قد تصل بعض هذه الأعراض الجانبية إلى الإصابة بأمراض أخرى، وهناك نباتات كثيرة لا تظهر سميتها وخطورتها إلا بعد الغلي، مما يشكل خطورة على حياة من يتعاطاها، لذلك يجب التعامل معها بشكل علمي  بعد استشارة الطبيب.

وتأتي “وصفات التخسيس” في المرتبة الأولى من حيث الإقبال، ويقول عنها الدكتور محمد بن عبد الله الطفيل رئيس قسم تحليل الأدوية والأعشاب “بمستشفى الملك فيصل التخصصي” ومركز الأبحاث في الرياض: “من الأدوية التي يتم تصنيعها من الأعشاب “الفايتوشيب” الذي يحتوي على نبات السِّنة Senna – وهي مادة مسهلة – ويحتوي على مادة الرديكتال وهي مادة كيماوية تثبط الشهية، ومن تلك الأدوية أيضا حبوب “ميريت” التي تأتي من شرق آسيا، وهي أدوية تحتوي على مسهلات قوية مثل مادة الأنثراكينون، وللأسف مثل هذه الأقراص ملوثة بالرصاص ومادة الزرنيخ”.

والغريب هو ما أعلنه الدكتور صبحي سعيد عميد كلية الصيدلة بجامعة حلوان المصرية، من أن بعض “أدوية التخسيس” الخاضعة لرقابة طبية قد تسبب الإدمان قائلا : “إن كل أدوية التخسيس بدون استثناء تحتوي على مواد مخدرة وبالتالي قد تسبب على المدى البعيد حالة من الإدمان, لأن معظمها تستخدم أيضا لعلاج نزلات البرد وتحتوي على مادة الأمفيتامين المنبهة والمنشطة للذاكرة، ولذلك فهي تؤثر على عصب المخ المسؤول عن الشهية فيشعر من يتناولها بفقدان عام للشهية, وهناك بعض “أدوية التخسيس” المستخلصة من نبات القات المخدر”.

عقوبات مشددة

إدراكا من حكومة خادم الحرمين الشريفين لأهمية تشديد الرقابة على الوصفات العشبية، قال الدكتور عبدالله البداح مدير “المركز الوطني للطب البديل والتكميلي” في وزارة الصحة: ” إن هناك مشاورات فيما بين وزارة الصحة ووزارة الشؤون البلدية والقروية، تهدف لتنظيم أكثر تشديداً على سوق العطارة وممتهني خلطات الأعشاب، وتأتي هذه المشاورات من خلال دراسات كشفت أن أكثر من نصف تجارة الأعشاب في المملكة تقوم على أعشاب غير صالحة للاستعمال، فضلاً عن مضاعفاتها الصحية على مستخدميها”.

وأضاف د. البداح: “إن نتائج تحليل بعض المنتجات المستخدمة للتخسيس وإنقاص الوزن، أظهرت احتواءها على العديد من الأدوية والمركبات الكيميائية وبتركيزات كبيرة تفوق الحد المسموح به علاجياً، وكذلك بعض الأدوية غير المرخص بتداولها ببعض الدول، وبعض الأدوية المستخدمة كمضادات الصرع،   محفزة لحدوث السرطان، ما قد يتسبب في أمراض خطيرة كارتفاع ضغط الدم والأزمات القلبية والسكتات الدماغية والتشنجات والسرطان وغيرها”.

ومن جانبه قال الدكتور صالح باوزير نائب الرئيس التنفيذ لشؤون الدواء في “الهيئة العامة للغذاء والدواء”: “إن عقوبة ممتهني التجارة بالأعشاب دون إثباتات تؤكد خبرتهم في مجال الأعشاب أو تصاريح رسمية، ستكون مشددة ما بين حد إغلاق محالهم إلى العقوبات الشخصية كالسجن والغرامة، لأنهم بذلك يعرضون حياة وصحة المستهلكين للخطر، وفي الوقت الراهن هناك 45% من الأعشاب المتداولة تقريبا، غير صالحة للتطبيب، بل إن مخاطرها الصحية ومضاعفاتها كثيرة جدا، بسبب احتوائها على نسب عالية من المواد السامة”.

وأوضح الدكتور باوزير أن الهيئة لها صلاحية تطبيق الأنظمة واللوائح، فيما يخص تراخيص مصانع المستحضرات الصيدلانية، والقيام بالرقابة على الأدوية والمستحضرات الحيوية والصحية ومستحضرات التجميل والنباتات والأعشاب التي لها إدعاء طبي.

الاستخدام العشوائي

وقد كشف الدكتور جابر القحطاني، رئيس قسم العقاقير ومدير مختبر أبحاث النباتات الطبية والعطرية والسامة في “جامعة الملك سعود” سابقا، أن العنصر الرئيسي في لحاء جذور نبات “الساسافراس” وهو “السافرول” الذي يستعمل في صناعة العطور وصنع “البيبيرونال”، ويستعمل أيضا لتحويل الشحوم في صنع الصابون، مادة مُسببة للسرطان. وحذر القحطاني من أن بعض الذين يعملون في تجارة الأعشاب يجادلون في سُمية هذه المادة وخطرها على الإنسان، رغم أنها هي المادة الأساسية في إنتاج مخدر “الإكستاسي”.

وقال د. القحطاني: ” إن درجة الأمان ضرورية جدا عند استخدامنا للأعشاب، حتى نحقق النتيجة المرجوة منها ونتجنب الخطورة التي قد تكون في بعضها، وتاريخياً يمكن القول بأنه قد تم التعرف بالخبرة – ومنذ زمن بعيد – على العلامات الواضحة للسمية الفورية والتأثيرات المكروهة للأعشاب شديدة المفعول، غير أن أنواع السُمية الأكثر غموضاً مثل السمية الكبدية كثيراً ما أغفلت، ونظراً لأن كثيراً من الأدوية العشبية لها تأثيرات ضارة وعادة ما تُصرف دون وصفة طبية يجب الإخبار عنها”.

 وأضاف د.القحطاني أنه تم توثيق عدد من  التأثيرات المكروهة لعدد من النباتات المستعملة في الأدوية العشبية، ويزداد احتمال حدوث هذه الأضرار، إذا ما استعملت العلاجات العشبية بجرعات كبيرة أو مديدة، و”الساسافراس”  واحد منها، ولكن المعالجبن بالأعشاب يستخدمون خلطات عشبية لعلاج المرضى، وهم لا يفقهون شيئاً عن المركبات الكيميائية التي تحتويها هذه الأعشاب، وهذا الجـهل يتسبب في وفيات كثيرة”.

ويذكر أن “منظمة الصحة العالمية” أصدرت القرار (ج ع ص /40/90) الذي ينص على أنه لابد من أخذ التداوي بالأعشاب في منظومة الأدوية، وحثت المنظمة الدولية الحكومات على الاهتمام بالطب البديل وإنشاء مراكز لدراسة وتحضير الأدوية وتقديمها في الرعاية الصحية الأولية، حتى تخضع وصفات الأعشاب لرقابة طبية صارمة، بدلا من أن يعمل بها بعض ممن يجهلون مكونات تلك الأعشاب التي قد تكون سامة.

وتابع د. القحطاني: هناك من 250 إلى 300 ألف نبات يستخدم في العلاج، وهناك 218 شركة أمريكية تقوم بتحضير الأدوية العشبية على هيئة أقراص، ويوجد في المملكة 685 دواء عشبيا مسجلا يباع في الصيدليات، ولكن هناك العديد من الأعشاب التي تباع دون رقابة، مثل نبات “الشطة الكاذبة” ونبات “الدقلة الصفراء” وهي سامة بكل أجزائها حتى حطبها سام عندما يستخدم للشواء، وبالنسبة للوصفات الطبية فقد جمعت كل الوصفات من العطارين ومن البدو وغيرهم حيث بلغت 3000 وصفة، وبعد دراستها تبين أن 100 فقط منها تصلح للاستخدام الآدمي”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى