نابغون

وولف كوكير.. طالب المدرسة العليا الذي اكتشف كوكباً

من أهم أدوات صناعة الرواد من الصغار، هي تهيئة البرامج التي تتيح لهم الالتحاق كمتدربين في المؤسسات الكبرى، في المجالات التي تشغفهم، وإعطائهم مهام حقيقية في إطار تلك البرامج، ليس فيها تسديد خانات، ولا تستيف أوراق، ولا خداع للذات.

الكلام الوارد في العنوان لا صلة له بعوالم “صناعة الوهم”، فالشاب وولف Wolf Cukier الطالب بمدرسة سكارسديل العليا في نيويورك، والبالغ من العمر 18 عاماً كان قد حصل على فرصة للتدريب لمدة شهرين في أحد المراكز التابعة لناسا، وهو مركز جودارد لرحلات الفضاء، الواقع في ميريلاند.

كانت المهمة الموكلة إليه أن يسجل الاختلافات في سطوع النجوم المختلفة من خلال البيانات التي كان يتصفحها والصادرة عن مشروع تس TESS لرصد الكواكب. وفي اليوم الثالث له في تدريبه استطاع وولف اكتشاف كوكب جديد خارج المجموعة الشمسية لم يكن قد تم اكتشافه من قبل، الكوكب أكبر بحوالي 7 مرات من الأرض ويسمى الآن “TOI 1338b“. بحسب ما أقره الاجتماع رقم 235 للجمعية الفلكية الأمريكية.

وقد تم الإعلان عن هذا الاكتشاف بواسطة ناسا على موقعها الإلكتروني. لكن الأغرب والأعجب في القصة، أن وولف رغم كونه طالب مدرسة عليا (توازي المرحلة الثانوية عندنا) سمح له بأن يشارك في كتابة ورقة بحثية مع مشرف التدريب حول المراجعة العلمية لاكتشافه.

وحول قصة اكتشافه للكوكب يقول وولف: أنه كان يتصفح بيانات نظام الكسوف الثنائي. وهو نظام يتشكل عندما يدور نجمان حول بعضهما البعض ويخفي بعضهما البعض من وجهة نظرنا. لكنه لاحظ تراجعا في إضاءة النجم الثنائي، فظن في البداية أنها لكسوف نجمي آخر، وحينما راجع مشرفه تبين أنه كوكب يدور حول نجم ثنائي، ويبعد عنا حوالي 1300 سنة ضوئية.

القصة في الحقيقة بغض النظر عن تفاصيلها العلمية تحمل دلالات كثيرة، سواء في إتاحة مؤسسات علمية بحجم وقدر ناسا فرصة التدريب لطلاب لم يلتحقوا حتى بالدراسة الجامعية بعد، أو في إتاحة المؤسسة، والمركز، والباحث المشرف لطالب بالمرحلة الثانوية أن يشارك في كتابة ورقة علمية، وياللعجب لم يستأثر بها ذلك المشرف، أو ينسب الاكتشاف لنفسه، ولم تستنكف المؤسسة ولا المركز أن يوضع اسم طالب مرحلة ثانوية على ورقة علمية. وهكذا يا سادة يصنعون من الصغار كبارا.

د. مجدى سعيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى