نابغون

هل حقاً ستختفي الإسكندرية كما توقع رئيس وزراء بريطانيا؟!.. عالم مصري يجيب

في كلمته أمام مؤتمر تغير المناخ حذر رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسن” من اختفاء مدينة الإسكندرية تحت مياه البحر، من بين مدن عديدة حول العالم. السيناريو الذي قدمه علماء المناخ لرئيس وزراء بريطانيا يقوم على أنه باستمرار تدخل الإنسان في مناخ العالم وإطلاق مزيد من الملوثات الصناعية وعوادم الاستخدامات البشرية الأخرى فإن درجة الحرارة في العالم سترتفع بما يؤدي إلى ذوبان المستودعات الجليدية الضخمة في القطبين الشمالي والجنوبي التي يسميها العلماء “فريزر العالم” أو “ثلاجة الدنيا”.

وتعليقاً على ما ذهبه إليه رئيس الحكومة البريطانية دون أستاذ الجغرافيا الطبيعية المساعد بكلية الآداب جامعة القاهرة الدكتور عاطف معتمد عبر حسابه الشخصي على “فيس بوك” قائلاً:

“نعرف أن كمية مياه البحار والمحيطات ثابتة ضمن نظام موزون هو “الدورة الهيدرولوجية” التي يتساوى فيها الفاقد من البخر بسبب تسخين الشمس وتكوين السحب وتكاثف الأمطار مع الواصل إلى هذه البحار من مياه الأمطار وما يصب فيها من مياه الأنهار.

لكن هذا الميزان الموزون يتعرض في العقود الأخيرة للاختلال، فمع ارتفاع الحرارة التي يتسبب فيها الإنسان بسبب الثورة الصناعية ستزداد سخونة الجو وتذوب كميات إضافية من الجليد، وسترفع هذه المياه الإضافية منسوب مياه البحار فتغمر بدورها السواحل الضعيفة المنخفضة، ومن بينها مدينتنا الإسكندرية.

لو أردنا الحقيقة فإن الباحثين يعرفون ما قاله رئيس الوزراء البريطاني منذ ثلاثين سنة. بل إن عددا من الجغرافيين ومنهم العالم الشهير إيريك بيرد Eric  C. Bird، قدم قبل ثلاثة عقود سيناريو كامل لغرق سواحل العالم ووضع الإسكندرية من بينها.

البريطانيون هم أكثر مدارس العالم اهتماما بالسواحل نظرا لأن إمبراطوريتهم قامت على الأسطول وهم من أسسوا نظرية “إمبراطورية القوات البحرية” في مقابل “إمبراطورية القوات البرية” وهي التسمية التي كانت تحظى بها ألمانيا قبل أن ترثها روسيا العظمى في المساحة البرية، الفقيرة في السواحل المفتوحة، وبالتالي صارت روسيا متعملقة في الجيوش البرية وصانعة أهم الدبابات والمدرعات. كل ذلك قبل أن تظهر دولة برمائية في العصر الحديث تجمع بين البر والبحر وتأخذ بأحسن ما لدى ألمانيا وروسيا وبريطانيا: “الولايات المتحدة الأمريكية”.

من المدهش أن محافظة الإسكندرية قدمت ردا على كلمة رئيس الوزراء بوريس جونسون ونشرته جريدة مصرية ناطقة بالإنجليزية قالت فيه إن المدينة تنفذ الخطة القومية التي أنفق عليها ملايين الدولارات لتصريف المياه المتجمعة بعد النوات والأمطار!

عجيب أمر الرد الذي نشرته محافظة الإسكندرية باللغة الإنجليزية في صحيفة مصرية تخاطب العالم. لم يكن جونسن يقصد مياه الصرف التي تتجمع في النوات شتاء والتي تغمر فيها شوارع الإسكندرية كل عام. جونسون يتحدث عن غرق كامل للمدينة !

لا ينكر منصف أن الدولة قامت في السنوات الثلاث الماضية قبيل كل شتاء بتنظيم وتنظيف الشوارع ومضاعفة سيارات شفط المياه حتى تقلل من تعطل حركة المرور الناجمة عن تجمع برك الأمطار . 

لكن ما يقصده جونسون هو غرق كامل للمدينة إذا استمر ارتفاع الحرارة الحالي وتجاوز حد 4 درجات أعلى من المعدل التاريخي قبل النشاط الصناعي وحرق عوادم الطاقة الأحفورية في كل أرجاء العالم.

الطريف أن الإسكندرية  لن تغرق وحدها، هذا تحيز لشهرة المدينة التاريخية التي أسسها الإسكندر الأكبر الذي يفتخر جونسون بانتمائه الحضاري إليه، باعتباره بطلا أوروبيا غزا العالم وأسس إمبراطورية حلمت بها كل القوى الأوروبية لاحقا ونفذتها بريطانيا بالطبع حين وصلت إلى ما وصل إليه الإسكندر في عمق القارة الآسيوية، هذه المرة بأسطول بحري كان له الفضل في تأسيس العلم الحديث “الأوقيانوغرافيا”، ذلك العلم الذي يرصد كافة خصائص مياه البحر، ومناسيب البحار  والمحيطات، ويسبر الأعماق، ويقدم أول أطلس عالمي تصدره البحرية البريطانية عن سواحل العالم وموانيه ومن بينها ميناء الإسكندرية.

لماذا نتحيز فقط للإسكندرية، ستغرق أيضا رشيد، وإدكو، والبرلس ودمياط وبورسعيد والعريش ومدن غيرها أقل شهرة. وذلك لأن ارتفاع منسوب البحار والمحيطات لا يقف عند مدينة دون الأخرى، فهو يسير ضمن نظرية يسميها الباحثون “نظرية الأواني المستطرقة” التي تقول ببساطة إن أي زيادة في مياه بحر من البحار في العالم لابد أن يعاد توزيعها على كافة  بحار العالم.

كيف يمكن أن ننجو بالإسكندرية وأخواتها؟

دعونا نناقش ذلك في مقال الغد بإذن الله”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى