العالم يقرأ

“مطالعات علمية”.. رحلةٍ معرفيةٍ مُشوِّقة؛ تُوضِّح بعضَ الحقائق عن الأرض وكيفية نشأتها وتكوينها

“مطالعات علمية”.. كتاب يحتوى على مجموعة من الرسالات والأحاديث التي كتبها أو ألقاها, العالم المصري العربي الكبير “على مصطفى مشرفة”, من حين لآخر، جمع بين شتاتها في هذا الكتاب. وقد شجَّعه على فعل ذلك ما رأه (حينئذ) من قلة الكتب العربية في الموضوعات العلمية مع شدة الحاجة إليها. يقول د. مشرفة, “فالثقافة الأدبية مع ما لها من قيمة لم تعد وحدها كافية، بل إن الثقافة العلمية لا تقل اليوم عنها شأنًا في تكوين العقلية الحديثة”.

وقت أن نشر هذا الكتاب في أوائل الأربعينات من القرن الماضي، كانت الكتب العلمية في المكتبة العربية شديدة الندرة، وقد أدرك الدكتور “مشرفة” أن الثقافة الأدبية، على قيمتها وأهميتها، لم تعد تصلح وحدها لتكوين العقلية الحديثة، فأثر أن يقوم بهذا الدور التنويري الذي كان نفقوداً وقتها، وعلى الرغم من تباعد المسافة بيننا وبين أربعينات القرن الماضي، وعلى الرغم من التطور المذهل الذي شهدته الأطروحات العلمية الحديثة، إلا ان (مطالعات علمية) مازال صالحاً لإثارة الدهشة.

وقد راعى د. مشرفة أن تكون مادة الكتاب في متناول القارئ بعيدة عن التعقيد، سهلة الأسلوب دون مساس بالمستوى العلمي، ولم يخض في التفاصيل الفنية إلا بقدر ما استدعته الضرورة.

وجاء فى مقدمة الطبعة الجديدة للكتاب والصادر عن مؤسسة هنداوي بالقاهرة, “يضم هذا الكتابُ مجموعةً من المقالات العلمية كتَبها العالِمُ المصري الفَذ بلغةٍ بسيطة يَسهُل على القارئ فَهمُها، تأخذنا في رحلةٍ معرفيةٍ مُشوِّقة؛ لتُوضِّح لنا بعضَ الحقائق عن الأرض التي نعيش عليها وكيفية نشأتها وتكوينها، وعن ذلك التصميم المُعجِز للكون، وما يَتألَّف منه من مواد، وتُطلِعنا على كيفية نشأة ضوء الشمس وتكوينه، وعلى طاقة الشمس الهائلة، وتأخذنا في رحلةٍ إلى داخل ذلك الجسم المتناهي الصِّغَر المسمَّى بالذرة، وما تمتلكه تلك الذرةُ من طاقةٍ هائلة يَصعُب تخيُّلها، كما تُحدِّثنا عن السُّدُم وتكوينها، وعن تلك الحرب المُسماة بحرب الأثير وملامحها، وعن حقيقةِ أن العِلم بماديَّته لا ينفصل عن الفلسفة الصوفية بمعنويَّتها، ثم تُحدِّثنا عن العلم ومُستقبَليَّة تطوُّره”.

يحاول الدكتور مشرفة فى هذا الكتاب أن يشرح موضوعات علمية أساسية مثل الذرة والقوة والجاذبية والطاقة بأسلوب بسيط شيق للغاية.. لا يحاول أن ينجرف إلى معادلات رياضية غامضة ولا مصطلحات علمية عويصة لأنه يدرك تماما أن الكتاب موجه إلى القارئ العادي وليس للمتخصص ولذلك فالدكتور يركز أكثر على شرح “المفاهيم” أكثر من شرحه للمعادلات .. وهو ما أعجبني تماما.

عن المؤلف

علي مصطفى مشرفة: عالِمُ فيزياء مِصريٌّ كبير، لُقِّب ﺑ “أينشتاين العرب” لنبوغه في الفيزياء النووية. مُنِح لقبَ أستاذ من جامعة القاهرة وهو دون الثلاثين من عمره، وانتُخِب في عام ١٩٣٦م عميدًا لكلية العلوم، فأصبح بذلك أولَ عميدٍ مِصري لها، وتتلمذ على يده مجموعة من أشهر علماء مصر، من بينهم سميرة موسى. وقد حصل على لقب البشاوية من الملك فاروق.

وُلِد علي مصطفى مُشَرَّفة في الحادي عشر من يوليو عام ١٨٩٨م في مدينة دمياط، وكان الابنَ الأكبر لمصطفى مشرفة؛ أحدِ وُجَهاء تلك المدينة وأثريائها. تلقَّى دروسَه الأولى على يد والده ثم في مدرسة «أحمد الكتبي»، وكان دائمًا في مقدمة أقرانه. نشأ في أسرة غنية، إلا أنَّ والده تعرَّض لخَسارةٍ كبيرةٍ وتُوفِّي على إثْرِها، فاضطرَتِ الأسرةُ إلى الانتقال إلى القاهرة. الْتَحقَ مُشرَّفة بمدرسة العباسية الثانوية بالإسكندرية، ثم بالمدرسة السعيدية بالقاهرة حتى تخرُّجه فيها عامَ ١٩١٤م وكان ترتيبه الثاني على القُطْر المصري. انتسب إلى دار المُعلِّمين العليا وتخرَّجَ فيها بعد ثلاث سنوات بالمرتبة الأولى؛ ممَّا أهَّلَه للسفر في بعثةٍ عِلْمية إلى بريطانيا على نَفقةِ الحكومة.

تخرَّجَ عامَ ١٩١٧م في جامعة نوتنجهام الإنجليزية، ثم حصل على الدكتوراه من الكلية الملكية في فلسفة العلوم عامَ ١٩٢٣م، ثم حصل عامَ ١٩٢٤م على دكتوراه العلوم من جامعة لندن؛ وهي أعلى درجة علمية في العالَم لم يَتمكَّن من الحصول عليها سوى ١١ عالِمًا في ذلك الوقت، ثُمَّ عُيِّن أستاذًا للرياضيات في مدرسة المعلمين العليا، ثم للرياضة التطبيقية في كلية العلوم بالقاهرة ١٩٢٦م.

أثرى الدكتور علي مصطفى مُشرَّفة الحياةَ العِلمية المصرية بالكثير من المُؤلَّفات، من أهمها: «الميكانيكا العِلْمية والنظرية»، و«الهندسة الوصفية»، و«مطالعات علمية»، و«الهندسة المستوية والفراغية»، و«حساب المثلثات المستوية»، و«الذرة والقنابل الذرية»، و«العلم والحياة»، و«الهندسة وحساب المثلثات»، و«نحن والعلم»، و«النظرية النسبية الخاصة».

تُوفِّي في ١٥ يناير ١٩٥٠م إثرَ أزمةٍ قلبية، ويُشاع أنه تُوفِّي مسمومًا، وقيل إن أحد مندوبي الملك فاروق كان وراء وفاته، كما قيل أيضًا إنها إحدى عمليات جهاز الموساد الإسرائيلي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى