اختراع ومخترع

في مثل هذا اليوم.. اختراع “ليفي شتراوس” البنطلون الجينز 20 مايو 1873م

قد لا يكاد يكون هناك إنسان فى عالمنا الحديث, مهما ارتفعت مكانته أو تواضع، فقيراً كان أم ثرياً، إلا ويمتلك جينزاً واحداً على الأقل، وكثيرون يمتلكون عدة. اكتسب سروال الجينز الأزرق خلال العقود الماضية مكانة في الحياة اليومية ترتقي به من كونه مجرد قطعة لباس إلى مرتبة ذات بُعد ثقافي واجتماعي تستحق التوقف أمامها.

هذا الرداء الذي تراه هو نفسه ملائماً للعمل على زراعة الحديقة أو إصلاح السيارة، وأيضاً للذهاب إلى السوق ولحضور مباراة رياضية أو لقاء الأصدقاء في المقهى أو تلبية دعوتهم لتناول العشاء.. وحتى الذهاب به إلى مكان العمل! ففي كل مكان تقريباً ومهما كانت المناسبة، الجينز مرشّح لكي يكون اللباس.

أطلَّ على الحياة اليومية كرمز من رموز البساطة، ينتصر للطابع العملاني الذي يجب أن يميِّز الأشياء كما نريدها في عصرنا. وعلى الرغم من أنه فقد دلالته الرمزية والاجتماعية الأولى، فإنه تابع تقدمه في كل اتجاه في العالم، وفرض نفسه على خزائن الأثرياء بعدما انطلق من بيوت العمال والفقراء.

ترى ما قصة هذا الرداء الشهير؟

حسبنا أن نذكر اسم “ليفي شتراوس”، الذي لا تزال تحمله حتى اليوم، وربما زمناً طويلاً مقبلاً، أشهر السراويل، وغير السراويل، الجينز. هذا الرجل، دخل اسمه عالم الخلود بفضل نوع من القماش، وعقل تجاري واعٍ، فكان هو «المكتشف» الأول لسروال الجينز، ولن نقول المخترع الأول، لأن سر مكانة هذا السروال في قماشه. وكان قماشه مجرد بضاعة آتية من إيطاليا: أقمشة مجهزة لتتحول إلى خيام، لا سراويل. وفي ذلك التحول سرّ ليفي شتراوس وقيمة ما فعل.

فمن هو ليفي شتراوس هذا؟ من هو الرجل الذي حفزه حسّه التجاري ذات يوم من العام 1850م.، ليبتكر سروالاً، باعت شركته منه في قرن ونصف القرن، حتى اليوم، أكثر من مليار قطعة، إذا لم نذكر سوى السراويل؟

ولد ليفى شتراوس عام ١٨٢٩ في بافاريا بألمانيا لعائلة يهودية، وهاجر مع والدته وشقيقتيه إلى أمريكا عام ١٨٤٧، واستقروا في نيويورك، وفي ١٨٥٣ حصل ليفي على الجنسية الأمريكية، وسافر إلى سان فرانسيسكو بحثا عن فرصة تجارة ملابس لعمال المناجم وسط حمى البحث عن الذهب.

ومع مرور السنوات انتعشت تجارته، حيث عمل في تصميم سراويل من الخيش البنى السميك والقوى لعمال المناجم، ثم انتقل إلى قماش ثقيل آخر مصبوغ بالأزرق واستخدمه في تصميم البنطلونات بدلاً من الخيش الذي نفدت كمياته، وفي ١٨٧٢ تلقى ليفى رسالة من جاكوب دافيز، وهو حائك من نيفادا كان يتعامل معه، وأخبره عن شرائه قماشاً لاستخدامه في الخياطة، وحكى له عن الطريقة الجديدة التي يستخدمها لتصميم البنطلونات لزبائنه، حيث يضع مسامير معدنية صغيرة في أماكن محددة من البنطال كزوايا الجيوب.

وكانت المشكلة التي تواجه دافيز هي كونه لا يمتلك المال الكافى ليحصل على براءة اختراع لهذا النوع المبتكر من البنطلونات، فاقترح على ليفى أن يقوم بدفع المال اللازم لاستخراجها مقابل إدراج اسمه أيضاً في هذه الوثيقة، و«زي النهارده» فى ٢٠ مايو ١٨٧٣ حصلا على براءة اختراع وولدت رسمياً، ثم انتشرت عالميا بنطلونات الجينز بقماشها الأزرق لقى الجينز الأزرق بالشكل الذي اشترك في تصميمه ليفى شتراوس وجاكوب دافيز شعبية كبيرة بين صفوف عمال المناجم، وذلك لطبيعته القاسية التي تحتمل الصعوبات العديدة والعمل الشاق.

وكان يباع عام ١٨٧٩ بدولار وستة وأربعين سنتاً فقط للرجال فقط، وكان من الصعوبة أن تجد بين من يرتدونه نساء العائلات المتوسطة أو الغنية، ولكن المصممين راحوا تباعاً يطورونه، ويضعون تصميمات خاصة بحيث تناسب النساء وعرض جينز ليفايز للنساء على صفحات مجلة «فوج» لأول مرة عام ١٩٣٥، واكتسب شعبية واسعة لدرجة أن تصميمات كلفين كلاين للجينز في السبعينيات كانت تدر وحدها أرباحاً بقيمة ١٢.٥ مليون دولار أسبوعياً.

وبعدما ظل قماش الجينز حتى ستينيات القرن الماضى هو البنطلون المفضل لدى العمال وأبناء الطبقة المتوسطة، راح يتفشى في معظم الطبقات وصولاً إلى المشاهير وبعض رؤساء الدول، ورغم انتشار صناعته ووجود آلاف الماركات المنتجة له، فلايزال اسم مبتكره طاغياً على كل الأسماء الأخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى