العالم يقرأ

“ريادة الأعمال” .. كتاب جديد يناقش العلاقة بين الإبداع والابتكار

يمر اقتصاد العالم اليوم بمرحلة انتقالية نحو ديناميكية جديدة؛ تتضمن قواعد وممارسات تستخدم في تحقيق النجاح، ليست كتلك القواعد والممارسات التي استخدمت في السابق، ففي الاقتصاد الجديد حلت الأفكار ورأس المال الفكري محل الموارد الطبيعية، وأصبحت ديناميات الابتكار أحد أهم عوامل التنمية الاقتصادية.

ولهذا تعتمد ثروة الأمم بشكل أكبر على ذكاء شبابها وقدرتهم على الإبداع والابتكار أكثر من اعتمادها على الموارد الطبيعية لهذه الأمم، ومن ثم تحول الصراع في العالم من الصراع الأيديولوجي إلى الصراع الاقتصادي القائم على مبدأ المنافسة؛ المعتمد على السرعة في الإبداع، والمرونة، وتحويل الأفكار إلى واقع تطبيقي.

في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية المتسارعة على مستوى العالم أجمع، وفي ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف باقتصادات دول العالم الكبرى منها والنامية، وفي ظل معدلات الفقر المرتفعة والآخذة بالازدياد عاماً في إثر عام، تزداد الآمال المعقودة على ريادة الأعمال في تخفيف حدة هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية، وخاصةً مع انخفاض نجاعة الحلول الاقتصادية التقليدية.

ويظهر الدور الاقتصادي لريادة الأعمال على مستويي الاقتصاد الرئيسيين؛ الاقتصاد الجزئي والكلي، فعلى المستوى الأول يظهر أثرها في زيادة دخول الأفراد، وفي تأمين فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، أما على المستوى الثاني فيظهر أثرها من خلال دورها الإيجابي في زيادة مؤشرات الاقتصاد الكلي كالناتج المحلي الإجمالي ومعدلات النمو الاقتصادي، وهذا ما دفع الحكومات في الدول النامية والمتقدمة على السواء على تقديم الدعم المتزايد لريادة الأعمال، وتهيئة الوسائل التنظيمية والمادية والتشريعية التي تساعد رواد الأعمال على بدء مشاريعهم وأعمالهم الخاصة.

وفي الوقت الحالي غدت ريادة الأعمال سمةً أساسية من سمات الاقتصاد الحديث، فقلما نجد بيئةً أو اقتصاداً يخلو من مساهمة فاعلة لريادة الأعمال في التنمية الاقتصادية المحلية، وغدت من أهم وسائل التنمية المستدامة التي تقوم في جوهرها على ضرورة اشتراك جميع المستويات الاجتماعية وجميع النظم الاقتصادية في صناعتها.

إن ريادة الأعمال قد أصبحت ثقافةً ومدرسةً اقتصادية بكل ما للكلمة من معنًى، وباتت محط اهتمام متزايد من قبل الجميع، أفراداً ومؤسسات وحكومات، وبناءً على هذه الأهمية ستتناول هذه الدراسة مفهوم ريادة الأعمال بالتفصيل، وعوامل نشأتها، مع الإشارة إلى عوامل نموها وتطورها.

كما تتناول الدراسة توضيح العلاقة بين الإبداع والابتكار من جهة، وبين ريادة الأعمال من جهة أخرى، إضافةً لتوضيح المفاهيم المتعلقة بالإبداع والابتكار، والعوامل المساعدة لتحفيزهما.

واتساقاً مع الطبيعة العملية للدراسة، تتعمق الدراسة في الجزء التطبيقي من ريادة الأعمال من خلال دراسة استراتيجيات تحويل الأفكار إلى مشاريع، مع إلقاء الضوء على مكونات إنشاء الأعمال، ومصادر الأفكار لإنشاء مشروع صغير، وكيف تؤثر الفكرة على نجاح رائد الأعمال، والفارق بين التفكير الأفقي والتفكير العمودي، وخطة العمل، وكيف تؤثر على المشروع، وما هي طرق ووسائل تمويل المشاريع الصغيرة.

ومن ثم ينعطف البحث على ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة، من حيث المفهوم والشكل القانوني، والخصائص، والجهات الداعمة لها، وعناصر نجاح وفشل تلك المنشآت الصغيرة سواءً بسبب مشاكل البيئة الخارجية، أو البيئة الداخلية، أو العوامل الشخصية، أو العوامل المتعلقة بالمنشأة، مع بعض التوصيات التي تتعلق بكيفية تجنب هذا الفشل.

كما يبرز الكتاب الأدوار المهمة للمشاريع الصغيرة في التنمية الاقتصادية، مع التركيز على توجهات الشباب والمرأة نحو ريادة الأعمال؛ عبر بوابة إنشاء مشروعات صغيرة، والتفكير في العمل الحر، بعيداً عن بيروقراطية وروتين الوظيفة الحكومية والعمل الإداري في صيغه التقليدية المحدودة، والعلاقة بين هذه المشاريع وبين ريادة الأعمال وأوجه التشابه والاختلاف بينهما؛ مع توضيح بعض تجارب الدول الناجحة في مجال ريادة الأعمال.

ويستطرد البحث في دراسة أحد أهم عناصر المشروعات الصغيرة، وهي خطة العمل التي تعتبر الدينامو المحرك للمشروع، مع توضيح تفاصيل هذه الخطة وكيفية كتابتها، وآليات تنفيذها، وتبيان أهم المحاور والنقاط التي يجب أن تشتمل عليها، وأهم أهدافها وكيفية مراقبة تنفيذها.

ويحلل البحث كذلك المدارس المعرفية التي تناولت صفات ومهارات رائد الأعمال بشيء من التفصيل، مع التركيز على عنصر مهم من عناصر ريادة الأعمال، وهو الإبداع والابتكار؛ إضافةً إلى دراسة فريق الإدارة والمحاسبة والتسويق، وكيفية تكوين فريق العمل، وتخطيط الموارد البشرية، وطرق استقطاب العاملين، والنظام المحاسبي، والتسويق، والخطة التسويقية، وأخيراً؛ متطلبات النجاح في سوق العمل من خلال المسؤولية الاجتماعية وأبعادها، وأخلاقيات العمل.

هذا وتكتسب الدراسة أهميتها بتأكيدها على مدى مساهمة ريادة الأعمال في انتشار المشروعات الجديدة، التي تعد من أهم المحاور التي يعتمد عليها مفهوم الريادة، وبذلك تساهم في تنمية وتطوير الاقتصاد المحلي من خلال مكاسب مباشرة، ومكاسب غير مباشرة؛ الأولى: التي يحققها صاحب المشروع، والثانية: تتحقق في الاقتصاد المحلي ككل.

إلى جانب التأكيد على أهمية تنمية ريادة الأعمال لدى الشباب بوجه خاص؛ حيث تتمتع هذه الفئة بروح المغامرة والتحدي أكثر من أي فئة عمرية أخرى، بالنظر إلى شغفهم بالتطورات التكنولوجية والاتصالية، أكثر من غيرهم، في ظل بيئة عالمية متغيرة بشكل سريع، بما يساهم في التأقلم والتواصل مع العالم المستقبلي وبصفة مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى