حلول مبتكرة

دراسة تونسية.. مسحوق نبتة الصبار المجففة لتنقية مصادر المياه الملوثة بمادة الرصاص

وفقا لـ mayoclinic يحدث التسمم بالرصاص عندما يتراكم الرصاص في الجسم، وغالبًا ما يحدث ذلك على مدار شهور أو سنوات. يمكن أن تتسبب كمية حتى ولو بسيطة من الرصاص في حدوث مشكلات صحية خطيرة. يكون الأطفال دون 6 أعوام أكثر عرضة بشكل خاص للإصابة بالتسمم بالرصاص، الأمر الذي قد يؤثر بشدة في النمو العقلي والجسدي. وقد يؤدي التسمم بالرصاص عند ارتفاع مستوياته إلى الوفاة.

ومن المصادر الشائعة لحالات تسمم الأطفال بالرصاص الطلاء المكون من الرصاص في الأبنية القديمة والأتربة الملوثة به. ومن المصادر الأخرى الهواء والمياه والتربة الملوثة. وقد يتعرض البالغون الذين يتعاملون مع البطاريات أو تجديد المنازل أو في ورش إصلاح السيارات إلى التسمم بالرصاص.

مؤخرا أظهرت نتائج دراسة علمية جديدة لباحثين تونسيين أن مسحوق نبتة الصبار المجففة يمكن أن يستخدم بشكل فعال لتنقية مصادر المياه الملوثة بمادة الرصاص. وأكد الباحثون أن هذه المادة المتوفرة بشكل واسع في الطبيعة يمكن أن تكون بديلا آمنا وأقل كلفة من الطرق المستخدمة حاليا والتي لا تخلو من مخاطر بيئية.

ونشرت نتائج الدراسة مؤخرا في دورية (Journal of Materials and Environmental Science) العلمية.

يقول الباحثون إن العقود الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا للتلوث البيئي الناتج عن إلقاء النفايات التي تحتوي المعادن الثقيلة في جميع أنحاء العالم بسبب التصنيع المتزايد المرتبط بالإفراط في توليد مياه الصرف الصحي. وغالبا ما تحتوي الكميات الضخمة من النفايات السائلة المنبعثة من الصناعة بأيونات المعادن الثقيلة كالكادميوم والرصاص والزنك والكروم والمنغنيز. تعتبر هذه الأيونات ضارة للغاية بالنسبة للإنسان والكائنات المائية وأشكال الحياة الأخرى بسبب سميتها ومخاطرها الصحية الكبيرة وطبيعتها غير القابلة للتحلل. لذلك تلزم الكثير من الدول المصانع بإزالة أيونات المعادن الثقيلة من النفايات السائلة الصناعية قبل تصريفها حماية للبيئة والصحة العامة.

تستخدم حاليا عدة طرق لمعالجة مياه الصرف الصحي، مثل “الامتصاص” و”الترسيب الكيميائي” و”استخراج المذيبات” و”التناضح العكسي” و”التبادل الأيوني” و”الترشيح” و”المعالجة الكهروكيميائية”. وتعتبر طريقة الامتصاص هي الأنسب لإزالة أيونات المعادن، بحسب الباحثين، نظرا لكفاءتها العالية وسهولة التعامل معها وتوافر مواد ماصة مختلفة. ومع ذلك، تظل التكلفة الباهظة للمواد الماصة التقليدية هي العائق الرئيسي لهذه العملية. وبهدف تجنب هذه العوائق، ظهر استخدام المواد المحلية الرخيصة كبديل واعد لإزالة المعادن الثقيلة.

في هذا الإطار قام باحثون من “مخبر تثمين المواد المفيدة” في المركز الوطني للبحوث في علوم المواد بالقطب التكنولوجي برج السدرية بتونس باختبار قدرة مسحوق الصبار المجفف على إزالة أيونات الرصاص الثنائي (+2Pb) من المياه الملوثة. تعود أسباب اختيارهم لهذه المادة الطبيعية لكونها رخيصة ومتوفرة على نطاق واسع، إضافة إلى أنها مستدامة ومتجددة وآمنة بيئيا. كما أن لها قدرة على “التقاط” أيونات المعادن والاحتفاظ بها، ويمكن استخدامها كأداة امتصاص بيولوجي في درجة الحرارة العادية دون أية إضافات أو معالجة كيميائية.

أوراق الصبار المجفف

قام الباحثون بجمع أوراق (ألواح) نبتة الصبار أو التين الشوكي من شمال تونس. وبعد إزالة الأشواك يدويا وغسلها، تم تجفيفها لمدة 48 ساعة في الفرن عند 60 درجة مئوية حتى تصل إلى وزن ثابت، ثم تم طحنها ونخلها ليكون قطر الحبيبات أقل من 212 ميكرومتر. ولتحديد المجموعات الوظيفية المسؤولة عن الترابط الكيميائي مع أيونات المعادن، خضعت عينة من مسحوق الصبار المجفف للتحليل باستخدام مقياس الطيف الضوئي. كما جرى فحص مورفولوجيا السطح الحيوي الماصّ عن طريق مسح المجهر الإلكتروني، وتحليل التغيرات في التركيب الكيميائي لمسحوق الصبار قبل الامتصاص الحيوي للرصاص وبعده.

الصبار المجهر

ثم قام الباحثون بدراسة قدرة مسحوق الصبار المجفف على إزالة أيونات الرصاص الثنائي من محاليل ذات تركيزات مختلفة لنيترات الرصاص وفي ظروف تجريبية مختلفة.

كشفت نتائج الدراسة أن عملية “التقاط” جسيمات الصبار لأيونات الرصاص تحدث بشكل أساسي من خلال التبادل الأيوني السطحي الذي يشمل كاتيونات المغنيسيوم والبوتاسيوم أو عبر مشاركة الإلكترونات بين أيونات الرصاص والمجموعات الوظيفية للمادة الممتصة.

وأظهرت النتائج كذلك أن عملية احتفاظ مسحوق الصبار بأيونات الرصاص الثنائي تتأثر بعدة عوامل من أهمها مدة التفاعل، ودرجة الحموضة في المحلول، وجرعة الامتصاص الحيوي، ودرجة الحرارة. ولاحظ الباحثون أن كمية الرصاص التي تمت إزالتها تتناسب طرديا مع قيمة هذه العوامل إلى غاية بلوغ التوازن الكيميائي للتفاعلات في غضون 30 دقيقة. كما أن معدل الامتصاص الحيوي يزيد مع زيادة الحموضة، لتصل إلى القيمة المثلى عند الرقم الهيدروجيني 3. وفي هذه الظروف، وجدوا أن نسبة الامتصاص لأيونات الرصاص الثنائي زادت بشكل حاد خلال العشر دقائق الأولى لتصل إلى 90 بالمائة عند درجة حرارة تبلغ 20 درجة مئوية.

واستنتج الباحثون من دراسة الحركية الكيميائية والديناميكية الحرارية التي تحدث أثناء التفاعل، أن عملية الاستبقاء ماصة للحرارة وتحدث بشكل عفوي في درجات حرارة تتراوح بين 20 و60 درجة مئوية، وأن الاحتفاظ بأيونات الرصاص الثنائي يحدث مع تشكل طبقة أحادية على سطح الامتصاص. وكانت السعة القصوى للامتصاص الحيوي للرصاص عند 60 درجة مئوية 29.41 مليغرام من الرصاص لكل غرام واحد من المسحوق. 

بالنظر إلى هذه النتائج خلص الباحثون إلى أن مسحوق الصبار المجفف هو مادة ماصة بيولوجية منخفضة التكلفة يمكن استخدامها بشكل فعّال لمعالجة المياه الملوثة بأيونات الرصاص.

المصادر: 12

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى