منوعات

حماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام.. التجربة السعودية

تهتم المملكة بالأنظمة الإيكولوجية منذ زمن بعيد، وتُعد من الدول المبادرة والساعية إلى المحافظة على الدورة البيئية.

وينبع هذا الاهتمام من كون الأنظمة الإيكولوجية السليمة تعتبر الأساس في التنمية المستدامة، حيث أن الاضطرابات التي تصيب هذه الأنظمة تؤثر على عدة عناصر أساسية في الطبيعة مثل (المناخ، النباتات، الحيوانات، المياه)، مما تؤثر بدورها على مسيرة التنمية المستدامة بطرق مباشرة وغير مباشرة. وتترجم رؤية المملكة 2030 هذا الاهتمام من خلال البرامج والمبادرات التي تنفذها.

وطبقاً لتحليل الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030 ، يوجد ترابط بين الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة والأهداف الاستراتيجية للرؤية التالية:

  • الحد من التلوث بمختلف أنواعه
  • حماية البيئة من الأخطار الطبيعية
  • حماية وتهيئة المناطق الطبيعية

تضمنت رؤية المملكة 2030 عدد من الأهداف الكفيلة بتحقيق الهدف الخامس عشر من أهداف التنمية المستدامة.

وتبذل المملكة جهود كبيرة لمكافحة الظواهر البيئية التي تشكل تهديداً مباشراً على حياة الإنسان والحيوان كظاهرة التصحر والجفاف. ويندرج ضمن هذه الجهود إنشاء “المركز الإقليمي لمراقبةالجفاف والإنذار المبكر“، والذي يقوم بالرصد والمتابعة المستمرة لظاهرة الجفاف وآثاره على المملكة والدول العربية، ويعمل على مساعدة الجهات الحكومية ذات العلاقة في المملكة للقيام بالتخطيط المستقبلي لمجابهة الآثار السلبية للحد من تأثيرات الجفاف على جميع أشكال الحياة (الزراعة والرعي والقطاعات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية) وإصدار التحذيرات من هذه الظاهرة من وقت لآخر.

ويقوم بتحديد المواسم المطيرة من خلال برنامج التوقعات الفصلية والتنبيه باحتمالية الظواهر المناخية الشديدة. وتعتبر التوقعات الفصلية عنصر أساسي لبرنامج مراقبة الجفاف وذلك لمعرفة المواسم المطيرة والجافة, كما يعمل على تحديث قاعدة البيانات الخاصة بمراقبة الجفاف وآثاره ومستوى مياه السدود والمياه الجوفية بفحص النقاط المرجعية لمؤشرات الجفاف والغطاء النباتي بالقيام بعمليات مسح ميداني لجميع مناطق المملكة.

كما تبنت المملكة عدد من الاستراتيجيات منها استراتيجية البيئة، واستراتيجية إعادة الغطاء النباتي بمنطقة الرياض التي تهدف لتخفيف الأضرار المتعلقة بالجفاف وآثاره السلبية.

كما تحرص المملكة على إصدار أنظمة تحافظ على المناطق المحمية للحياة الفطرية والنباتية، وتنظم صيد الحيوانات والطيور البرية؛ والاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها. وتشير التقارير الحكومية إلى وجود 15 منطقة محمية تشكل مساحتها الإجمالية حوالي % 4 من المساحة الكلية للمملكة.

وتم إطلاق العديد من المبادرات أبرزها جائزة المملكة العربية السعودية للإدارة البيئة برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين، حيث تهدف الجائزة إلى ترسيخ المفهوم الواسع للإدارة البيئة في الوطن العربي، وأطلقت أمانة منطقة الرياض مبادرة “شجرة لكل مبنى“، بهدف زيادة وتيرة التشجير في مدينة الرياض ومضاعفة أعداد الأشجار والعناية بها، وتشمل زراعة الأرصفة أمام المنازل السكنية والمنشآت والمراكز التجارية. كما أنشأت الأمانة موقعًا إلكترونيًا مخصصًا لمبادرة تشجير المباني (هنا)، لتسهيل خطوات مشاركة أفراد المجتمع في زراعة الأرصفة أمام منازلهم. كما تم إنشاء بنك للبذور يهدف إلى إكثار النباتات المحلية واستزراعها في مناطقها الطبيعية، والمحافظة على الأنواع النادرة من الانقراض.

وتعمل الجهات ذات العلاقة على حماية وتسييج المناطق الطبيعية، كما أصدرت هيئة تطوير مدينة الرياض تطبيقاً لقياس جودة الهواء بمدينة الرياض للملوثات الغازية والعوالق الهوائية.

يعتبر التغير المناخي من التحديات الرئيسة التي تعيق الجهود المبذولة لتحقيق التنمية، كونه يؤدي إلى زيادة وتيرة التصحر وقلة الأمطار بشكل واسع وملحوظ، بالإضافة إلى أن التغير المناخي يؤدي إلى زيادة في درجات الحرارة التي تؤثر سلباً على جميع جهود إعادة تأهيل الأنظمة البيئية. كما أن للأنشطة البشرية دور في تدهور الأنظمة الإيكولوجية مثل:

الاحتطاب والصيد الجائر. كما أدى التوسع العمراني وما يصاحبه من دك للتربة وعمل المعدات الثقيلة والجرافات عليها إلى تدهور الأراضي، بالإضافة إلى ذلك فإن تعاقب الأجيال على هذه الأراضي يقلل من الاهتمام بإدارتها بصورة صحيحة، كما أن للتغير المناخي دور كبير في هذا التدهور بسبب ما ينجم عنه من قلة الأمطار والارتفاع في درجات الحرارة.

تقوم المملكة بتطوير وتنمية البيئة والمحافظة عليها من خلال إنشاء المحميات الطبيعية التي تشهد بصفة مستمرة زيادة في عددها وتوسع في مساحاتها بناءً على التنوع الإيكولوجي فيها، وذلك لحماية الحيوانات والنباتات التي توجد فيها من العبث والانقراض عن طريق متابعتها والبحوث التي تساعد على تنميتها. فقد تزايدت مساحات المحميات البرية من 55,034 كيلومتر مربع تشكل % 2.75 من إجمالي مساحة المملكة عام 1988 إلى 85,393 كيلومتر مربع تشكل 4.27% من إجمالي مساحة المملكة عام 2016 . كما ازدادت مساحات المحميات البحرية خلال الفترة نفسها من 5,408 كيلومترات مربعة تشكل % 0.23 من إجمالي مساحة المملكة في بداية الفترة إلى 7,823 كلومتر مربع تشكل % 0.33 من إجمالي مساحة المملكة بنهاية الفترة.

محمية جزيرة أم القماري

تقع محميّة جزيرة أم القماري جنوب غرب مدينة القنفذة في البحر الأحمر؛ وتتألّف من جزيرتين هما أم القماري البرّانية وأم القماري الفوقانيّة. ويبلغ مجموع مساحة الجزيرتين حوالي 4,03 كيلومترات مربعة. وقد سُمّيت بأمّ القماري بسبب كثرة طيور القماري فيها وبصورة خاصّة في موسم الهجرة. ويتكوّن سطح الجزيرتين من أحجار كلسيّة شعابيّة يبلغ متوسّط ارتفاعها عن سطح البحر ثلاثة أمتار، ورمال ساحليّة بيضاء. وتمتاز الشّعاب المرجانيّة بجزيرة أم

القماري البرّانية بأن الكثير منها حيّة ومتنوّعة ممّا يجعلها متميّزة للدّراسة. تكثر النباتات في وسط الجزيرتين وأهمها الأراك والسّواد والصّبار والثندة والرغل التّي تكثر أيضا على السّواحل.

وإضافة إلى طيور القماري المهاجرة والمقيمة، هناك أنواع كثيرة من الطّيور البحريّة والطّيور الشاطئيّة وعدد من الطّيور البرية مثل العقاب النّساري ومالك الحزين والبلشون الأبيض والقمري المطوّق الأفريقي. أما الحياة البحرية فتمتاز بتنوع هائل من الشّعاب المرجانيّة والحيوانات اللافقاريّة البحريّة.

محمية الجبيل للأحياء البحرية

تقع محميّة الجبيل للأحياء البحريّة شمال مدينة الجبيل الصّناعيّة على امتداد الشاطئ الغربيّ للخليج العربي بمساحة 2000 كيلو متراً مربّعا. بالإضافة إلى خمسة جزر مرجانيّة في تلك المنطقة ينتظر إعلانها منطقة محمية في إطار نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية. وتتميّز محميّة الجبيل بوجود بيئات مختلفة تحتوي على أنواع متباينة من الأحياء الفطريّة. ويوجد في البيئة البرية الثّعلب الأحمر وابن آوى وعدة أنواع من القوارض وعدة أنواع من الطّيور منها نوعان من القنابر وعدة أنواع من العظايا والثّعابين. وفى البيئات الشاطئيّة يوجد النّحام وأنواع من الدريجة والنّوارس وطيور الخرشنة والبط والبلشونات والغاق السّوقطري. أما البيئات المائية القريبة من الشاطىء فتوجد فيها أنواع عديدة من الحيوانات اللافقاريّة كالقواقع والسّرطانات.

محمية جزر فرسان

تقع محمية جزر فرسان في القسم الجنوبي الشّرقي للبحر الأحمر، وتبعد حوالي 42 كيلومتراً عن ساحل مدينة جازان؛ وتبلغ مساحة المحميّة حوالي 5408 كيلومترات مربعة. وتضمّ مجموعة جزر فرسان أكثر من 84 جزيرة أكبرها جزيرة فرسان الكبرى والسّقيد (فرسان الصغرى) وقماح وهي الجزر الآهلة بالسّكان الّذين يعمل غالبيّتهم في صيد الأسماك وزراعة الدّخن والذّرة. وتتألّف جزر فرسان من مسطّحات من الأحجار الجيريّة الشّعابيّة، يتراوح متوسّط ارتفاعها عن سطح البحر بين 10 و 20 متراً . أما أقصى ارتفاع فهو 75 متراً وهناك عدد من الأودية القصيرة التّي تنتهي إلى البحر، أما السّواحل فمغطاة برمال كلسيّة بيضاء نتجت عن تحطّم الشّعاب المرجانيّة والأصداف البحريّة. ومن أهم أنواع الأشجار فيها السمر والبلسم والسّدر والأراك إلى جانب أشجار الشورة والقندل التّي تكون أيكات ساحليّة كثيفة. كما انتشرت فيها مؤخرا أشجار المسكيت أو البروسوباس الدخيل. ويميز المحميّة وجود ظبي الإدمي الفرساني المتوطّن في بعض جزر فرسان؛ بالإضافة إلى النّمس أبيض الذّنب وعدد من القوارض. أما الطّيور فتمتاز بتنوّعها ووفرتها خاصّة الطّيور المائية والشّاطئيّة والمهاجرة ومن أهمها العقاب النّساري والبجع الرّمادي والنّورس القاتم ومالك الحزين وصقر الغروب وأنواع من القماري. وكذلك توجد بعض العظايا والثّعابين. وترميمها وتعزيز استخدامها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى