مقالات

القطاع غير الربحي والمشاركة المجتمعية… مفهوم قيادي

أحمد حكم القاضي

مهتم في القطاع الثالث والمشاركة المجتمعية ومبادرات الاستثمار الاجتماعي

الرياض- المملكة العربية السعودية

اهتمت الدول المتقدمة بالقطاع الثالث (غير الربحي) منذ أمد بعيد، باعتباره ثالث أضلاع التنمية الاقتصادية المستدامة مع القطاع الحكومي والقطاع الخاص تماشيا مع اهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 .وقد أولت المملكة خلال السنوات الأخيرة، اهتماما بهذا القطاع وتنبهت لأهميته ودوره الداعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، غير أن الطريق لا يزال في بداياته والآمال معقودة على تكثيف الجهود وزيادة الاهتمام بهذا القطاع وتفعيل دوره التنموي، ولا سيما أنه لا يساهم في الناتج المحلي الإجمالي، إلا بقدر ضئيل لا يتجاوز1% .

وفي هذا السياق بًينت دراسة لمنتدى الرياض الاقتصادي المنعقد عام 2020 بعنوان: “دور القطاع الثالث في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة العربية السعودية” أهمية زيادة مساهمة هذا القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وتفعيل دوره، وتمكينه من التطور والنماء، تحقيقًا لأهداف رؤية المملكة 2030، وذلك من خلال تعزيز مفهوم العمل غير الربحي لدى المجتمع، وتنمية الوعي بأهمية العمل التطوعي، وإيجاد البيئة الملائمة لتطويره، وتسهيل الإجراءات من أجل تأسيس الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والاستفادة من أفضل الممارسات والتجارب العالمية لتطوير القطاع، وفق السياق السعودي.

ومؤخرًا ادركت المملكة مدى أهمية هذا الاتجاه وأصبح الأمر ركيزة أساسية في تنمية المجتمع، بل أصبح ركن رئيسي في إطار رؤية 2030 بدعم عرابها سمو سيدي ولي العهد الأمير “محمد بن سلمان” يحفظه الله.

ومن خلال البحث فى تاريخ القطاع غير الربحي في المملكة يمكن القول بأن هناك عدة عوامل ساهمت فى إزدهار القطاع،مثل دور الرعاية الاجتماعية في سد احتياجات المجتمع وتقديم الخدمات الانسانية.. فخلال سبعينيات القرن الميلادي الماضي ساهمت عوائد النفط فى تقديم الدعم المالي من الدولة لبرامج الرعاية الاجتماعية دون فرض ضرائب عليها.

وقد تطور العمل الخيري بعد ذلك من خلال اعتبار القطاع غير الربحي قطاعاً ناشئاً نسبياً، وكان هذا القطاع مهتما بالعطاء المادي المباشر (الرعوي)، وذلك من خلال جمع الصدقات والتبرعات بشكل مباشر من الموسرين وإيصالها إلى المحتاجين دون النظر إلى الأثر الفعلي الناتج عن هذه التبرعات.

وعلى ضوء ذلك، اهتمت رؤية المملكة 2030 اهتماما جلياً بتطوير وتمكين القطاع غير الربحي؛ وذلك بتقسيم الرؤية إلى أهداف قريبة المدى تُتحقق خلال عام 2020م، وأهداف بعيدة المدى تتحقق عام 2030م، من خلال إطلاق أهداف ومقاييس تساهم فى تنمية القطاع الثالث، حيث اهتمت الرؤية بمعرفة أثر البرامج والخدمات المقدمة من المنظمات غير الربحية.

وإذا نظرنا إلى ما يتعلق بجانب الأهداف قصيرة المدى، تجلى الاهتمام فى زيادة عدد مقاييس الأثر الاجتماعي لأكثر من ثلثي برامج المنظمات غير الربحية، والذي يعد من الخطوات المهمة فى تشجيع المؤسسات والمنظات الربحية للتعرف على أثر المنظمة وتقديم خدمات ذات جودة مرتفعة.

أما على صعيد الأهداف بعيدة المدى، تطمح المملكة إلى زيادة أثر القطاع فى الناتج المحلي الإجمالي من 0.3 % إلى 5%،و زيادة عدد المشاريع التي تحتوي على أثر اجتماعي من 7% إلى 33%.

وبالنظر إلى أثر القطاع غير الربحي السعودي، فيعطي توسع القطاع أهمية في كلا الجانبين: الاقتصادي، والاجتماعي، حيث يساهم فى خلق الفرص الوظيفية وتوفير بيئة العمل المهتمة بالمسئولية الاجتماعية فى الدولة.

وأما من جانب المساهمة الاجتماعية للمنظمات غير الربحية فى المملكة، وعلى الرغم من محدودية عدد تلك المنظمات، فيوجد تنوع بإهتماماتها وأنشطتها، مثل: توفير المسكن، وتوفير الخدمات المجتمعية، وأعمال البر وسواها؛ مما يساهم فى سد الاجتياجات لفئات المجتمع المختلفة.

الخلاصة: هذه الأسطر لا أكتبها وأنا أبحث أو أقرأ فقط هذا المفهوم نظريا.. بل أعمل وأسعى أن أطبقه عمليا، وأبذل قصارى جهدي فيه، وأعيشه في كل لحظات يومي.. فأنا اليوم مسؤول عن القطاع الثالث (غير الربحي) والمشاركة المجتمعية في وزارة الشؤونالبلدية والقروية والإسكان، التي باتت تضطلع بدور مجتمعي وتنموي كبير،وبتوجيهات وزيرهاالملهم المؤمن بالعمل في القطاع وأهمية المؤسسات الأهلية والجمعيات والمشاركة المجتمعية.

واختم بعبارة في أحد حوارات معالي الوزير ماجد الحقيل، وعند عرضي للأعمال المقدمة للقطاع منذ توليه الوزارة، ذكر لي كلماتاعتبرتها من أهم الأفكار التي تعلمتها في العمل مع القطاع، قال بكل بساطة:

((نحن بدأنا العمل في تطوير القطاع الثالث والمشاركة المجتمعية.. ثم الآن نحن نحسن ونجود عملنا..وفي المرحلة القادمة سنتحول إلىالابتكار في القطاع))

هذا الفهم وهذا الدعم وهذه المنظومة ستستمر – بعون الله- في الابتكار والتطوير حتى يصل القطاع غير الربحي والمشاركة المجتمعية إلىأفضل الممارسات عالمياً، ويخرج من مملكتنا الحبيبة مبادرات تكون نموذج لدول العالم، وهذا الأمر أراه أسرع مما نتخيل..لاننا مملكة بنيت على التراحم ودعم العمل المؤسسي.

شكراً ملهمنا سمو سيدي ولي العهد

شكراً لوزيرنا المغير ماجد الحقيل

وقيادات الوزارة

فالقادم أكثر ابتكاراً وتأثيراً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى