حلول مبتكرة

الذكاء الاصطناعي يقتحم مجال إدارة النفايات.. تعرف على أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال إدارة النفايات

عندما نذكر مصطلح الذكاء الاصطناعي، يتبادر إلى الذهن السيارات ذاتية القيادة، وبرامج التعرّف على الوجه، والطائرات بدون طيار وما إلى ذلك. إلّا أن الكثير منا لا يدرك أنّ لهذه التقنية دور في إدارة قطاع النفايات، لا سيّما مع تخطّي كمية النفايات المتولدة حول العالم الـ 2 مليار طن سنويًا، ويترافق ذلك مع نموّ  مطّرد لعدد السكان ما يعني أن الكمية ستتصاعد بشكلٍ أكبر في السنوات المقبلة. تقليديًا، كانت عملية إدارة النفايات تتمّ بشكلٍ يدوي إلى حدّ كبير، وتتطلب يد عاملة كثيرة، ولكن الآن، بدأت البلدان تلجأ للاستعانة بالذكاء الاصطناعي في عمليات الإدارة والمعالجة. سنضيء من خلال المقالة على دور هذه التقنية وتطبيقاتها فيما يتّصل بإدارة النفايات.

حاويات ذكية

يبدأ دور الذكاء الاصطناعي من خلال صناديق القمامة. وتستفيد الشركات  العاملة في هذا المجال، من مجسّات الاستشعار الخاصة بإنترنت الأشياء (IoT) بغية مراقبة امتلاء أوعية القمامة، بحيث يستطيع فريق عمل التنظيف من إفراغها عند الحاجة. وهذا يتيح تحسين طرق جمع النفايات، ومعرفة التوقيت المناسب للتفريغ، كما أنه يساعد في توفير الوقت والجهد، وتقليل تكلفة العمالة، واستهلاك الوقود بالنسبة للآليات. وتسمح التعليقات التوضيحية للرؤية الحاسوبية، وخوارزميات التعلّم الآلي لهذه المجسّات بالتمييز بين أنواعٍ مختلفة من النفايات أثناء ملء الصناديق، والكشف عن فئاتها. ومن الأمثلة على ذلك، نذكر الحاويات الذكية التي طورتها شركة  “Bin-e” البولندية، و “E-Cube labs” الكورية، والمجهّزة بماسحاتٍ ضوئية تعمل على تحديد النفايات، وتصنيفها مباشرةً، وذلك من خلال الاستعانة بكاميرا داخلية ملحَقة بوحدة المعالجة. وغالبًا ما يتمّ إقران هذه الحاويات بتطبيقٍ يسمح للمستخدمين بمعرفة موقع أقرب سلة مهملات متاحة، ما يمنع الصناديق من الإمتلاء المفرط.

فرزٌ ذكي

عندما يتعلّق الأمر بدور الذكاء الاصطناعي في الفرز الآلي،  وحدها الأرقام والاحصائيات خير دليلٍ على ما نحتاج إلى معرفته: فالعمالة البشرية تقوم بفرز ما بين 30 إلى 40 مادة قابلة لإعادة التدوير في الدقيقة الواحدة، في حين تستطيع الآلات الذكية التعامل مع ما يصل إلى 160 مادة. علاوةً على أنه يمكن للآلات أن تعمل على مدار الساعة. أمّا عن كيفية عمل ذلك، يمكننا القول إنّ دور الذكاء الاصطناعي مماثل لدوره في عملية التصنيع، حيث يتمّ فحص العناصر الموجودة على حزامٍ ناقلٍ متحرّك، وتتم عملية المسح من خلال كاميرات، وتحليلها بواسطة خوارزميات التعلّم العميق، بعد ذلك تقوم أذرع آلية بسحب العناصر من الحزام الناقل لمزيدٍ من المعالجة، والتي تشمل فرز  الأصناف. ويشكّل فرز النفايات المصنوعة من مادة البلاستيك، وإعادة تدويرها، عنق الزجاجة الرئيسي لمعظم مرافق إدارة النفايات. لماذا؟ لأنّ أغلب عمليات إعادة التدوير تبدأ بنظامٍ موحّد، ما يعني أنّ جميع مواد إعادة التدوير تنتهي في ذات الصندوق. على أن يتمّ بعد ذلك فصل العناصر مثل البلاستيك والكرتون وما إلى ذلك. وعندما يتعلّق الأمر بالفرز ، يصبح دور الذكاء الاصطناعي بارزُا بشكلٍ أكبر، ذلك لأنّ المجسّات الذكية تتفوّق على المستشعرات البصرية التقليدية، حيث يمكنها الكشف عن العناصر المصنوعة من مواد مختلفة، وكذلك تحديد الفروقات الدقيقة بين العناصر من نفس المادة، بما في ذلك تلك الملوثة كيميائيًا، مما يضمن نقاءها من المواد الخطرة في حال إعادة التصنيع.

آفاق مستقبلية

قد درجت العادة على أن تكون إدارة النفايات عملية يدوية إلى حدٍّ كبير. إلا أنّ تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتعلّم الآلي، والرؤية الحاسوبية، والروبوتات، وما إلى ذلك، سمحت بتقليص الحاجة إلى العمل اليدوي، وخفض التكاليف، إلى جانب زيادة الكفاءة. ومع الأعباء الناجمة عن تزايد عدد السكان، واستنفاد مواقع طمر النفايات، تصبح الإدارة الذكية للنفايات أمرًا لا بدّ منه. ومن شأن التقنيات الذكية المساعدة في معالجة مسائل التخلّص من النفايات وخلق بيئة صحية، وكذلك العمل على تغيير الطريقة التي يتمّ التعامل بها مع إدارة أنواعٍ أخرى من النفايات، كما هو الحال مع شركات مثل “StartRocket” التي تخطّط لاستخدام مدافع الليزر، والأذرع والمخالب الروبوتية بهدف إزالة الحطام الفضائي أو الخردة الفضائية إلّا أن طرق تطبيق هذا النوع من التقنيات يبقى قيد المناقشة.

محمد معاذ

باحث وكاتب تقني في مجال الذكاء الاصطناعي

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى