إضاءات

الأقدم والأكبر في العالم العربي.. مرصد حلوان.. عين ترصد السماء وأذن تسمع الأرض

المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية أو “مرصد حلوان” هو مرصد فلكي يقع في منطقة حلوان جنوب العاصمة المصرية، تأسس المرصد سنة 1903، وقد اختارته منظمة اليونسكو في سنة 2011 كأحد مواقع التراث العالمي في مصر.

يضم مرصد حلوان بين جنباته 5 أقسام كل قسم يعادل كلية جامعية، بينها قسمان في التخصصات الفلكية، أولهما – الفلك لدراسات الفلك وهو قسم أبحاث الشمس والفضاء، ويختص بدراسات قرص الشمس والحسابات الفلكية لبداية الشهور العربية في مصر والدول الإسلامية، بالإضافة إلى مجال أبحاث الفضاء وأقدمها الأقمار الصناعية (وهو القسم الثاني) لرصد الحطام الفضائي والمخلفات الفضائية.

من هنا كانت البداية

منذ أواخر القرن الثامن عشر خلال حملة نابليون على مصر، تم بناء مرصد فلكي بسيط في القاهرة، وظل يعمل حتى سنة 1860م، عندما تقرر إغلاقه. وفي سنة 1868م أنشئ مرصد جديد في حي العباسية، وأراد العلماء الفرنسيون إجراء دراسات على مجال الأرض المغناطيسي غير أنهم اكتشفوا أن ذلك لن يكون ممكنًا بسبب خطوط القطارات المحيطة بالمكان والتي تؤثر على مغناطيسيته، فتم نقله إلى حلوان عام 1903م، وسُمّى بالمرصد الملكي وفي 1986م أصبح المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيائية.

مراصد المعهد الفلكي

تقرر بناء مرصد جديد أكثر انعزالًا، واختير لذلك موقع حي القطامية على مسافة 80 كم في الصحراء جنوب مرصد حلوان، وشيد مرصد القطامية عام 1962م على ارتفاع 476 مترًا عن مستوى البحر، ويحوي تلسكوبًا واحدًا بقطر 188 سم.

وهناك أيضًا محطة حلوان الجيومغناطيسية التي تأسست عام 1907م ونقلت عام 1960م لمنطقة المسلات بالفيوم على مسافة 70 كم.

ويأتي بعدها محطة حلوان الشمسية التي تأسست عام 1957م.

كما أن المعهد يقوم أيضًا بدراسات حول مجال الأرض المغناطيسي والنشاط الزلزالي في المنطقة، ومجال الطاقة الشمسية ومجال البترول والتعدين.. ثم توسع المرصد وأصبح يضم كل أبحاث الفلك والفضاء، وأضيف له أواخر القرن الثامن عشر تطبيق الجيوفيزيقية كأول محطة زلازل في المنطقة، وتبعها أول مرصد مغناطيسي، ولدى المرصد الأفرع الخاصة بهذا المجال.

 الإسهام في استغلال الثروات الطبيعية

المعهد عبارة عن “عين ترصد السماء وأذن تسمع الأرض”.. – على حد وصف مديره الدكتور جمال القاضي- ولديه التليسكوب الفلكي في منطقة القطامية شرق العاصمة الإدارية، ويعد أكبر وأقدم تليسكوب في شمال إفريقيا والشرق الأوسط وهو يؤهله حتى يرى أعماق الكون حتى 30 مليون سنة ضوئية، كما يرى ما في الأرض حتى عمق 200 كم، والجيوفيزيقية هي أحد أهم العلوم التي يتم التعرف بها على الأرض حتى 200 كم عمقًا تحت سطحها، والتعرف على جميع المعادن والثروة المعدنية بجميع فئاتها، وأيضًا فيما يتعلق بأبحاث التربة والمياه الجوفية فضلًا عن الكشف عن الآثار.

أبرز الاكتشافات

يعمل المرصد حاليًا في منطقتين هما جنوب أسوان للكشف عن خامات الحديد والنحاس، وهناك نتائج يتم العمل عليها، وأيضًا بالصحراء الشرقية في المثلث الذهبي بالتعاون مع بعض الجهات البحثية، خاصة الرمال السوداء وهي مشهورة بساحل البحر الأحمر في مناطق كرشيد وغيرها، وهي غنية بالعناصر المعدنية والخامات النادرة، وهي ذات مردود اقتصادي كبير؛ حيث تدخل في صناعات دقيقة مثل الكمبيوتر والأجهزة الدقيقة ومحركات الطيران.

ويقول الدكتور القاضي: “مصر من أغنى دول العالم في الآثار، والمعهد يعمل على المحافظة عليها من مخاطر التربة وتسرب المياه الجوفية والتوسع العمراني وتأثيره السلبي على الأماكن الأثرية، وخلال الفترة الماضية عقد المعهد مؤتمرًا دوليًا بالتنسيق مع اليونسكو وأكاديمية البحث العلمي والسفارة الإيطالية بالقاهرة وباحثون من 40 دولة؛ للحديث عن الحفاظ على المواقع الأثرية والتراث الإنساني.

مراقبة أنشطة الزلازل

يسهم المرصد في عدة مشروعات استراتيجية مثل السد العالي وبحيرة ناصر؛ للحفاظ على السد العالي من مخاطر الزلازل وتحركات القشرة الأرضية، ولدى المرصد مركز إقليمي في أسوان – بالتعاون مع وزارة الري – لمراقبة النشاط الزلزالي، وتحركات القشرة الأرضية، ومنسوب المياه الجوفية، والشدة المغناطيسية على حسابات السد العالي.

وهناك قسم حديث بالمعهد هو “ديناميكية الأرض” وهو مختص بدراسة تحركات القشرة الأرضية من خلال شبكة محلية من أجهزة جى بي إس، والتي يدخل ضمن تخصصها قياس ارتفاع منسوب سطح البحر وما يطلق عليه غرق الدلتا، وهو أمر غير صحيح فما سيحدث هو هبوط للدلتا ولن يصل إلى الغرق.

الإسهامات في مجال الفضاء

لدى المعهد أكثر من برنامج في مجال الفضاء المصري على رأسها مراقبة الأقمار الصناعية في الفضاء الخارجي، وبدأت عام 1959م مع إطلاق أول مركبة فضائية روسية وصولًا إلى إمكانية الرصد البصري، ومحطة أوتوماتيكية بالليزر لرصد الأقمار الصناعية حتى 60 ألف كم أنشئت عام 1981م، بالإضافة إلى افتتاح مرصد آخر عام 2018م لمراقبة الفضاء المصري، ورصد حطام الفضاء ومخلفاته التي يمكن أن تصطدم بالأرض نتيجة اختفاء بعض الأقمار الصناعية بعد دورانها في أكثر من مدار، ويمكن مع جاذبية الأرض أن تسقط داخل الغلاف الجوي، وأيضًا بحوث في مجال البيئة الفضائية وبلازما الفضاء والعواصف الشمسية من خلال مرصد شمسي، ومتابعة الظواهر الفلكية ورصدها بالشراكة مع هيئة الأرصاد الجوية.

ويتابع القاضي: “يجب مراقبة مثل تلك الأنشطة؛ لأن شظية صغيرة يمكن مع اصطدامها أن تحدث تأثير قنبلة كبيرة، ولدينا باع كبير في بيئة البلازما الفضائية بالتعاون مع هيئة الاستشعار عن بعد، وعمل اختبارات لمكونات القمر الصناعي قبل إطلاقه في الفضاء مثل قمر” كيوب سات” المصنّع بأيادٍ مصرية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى