مقالات

أهمية مهارة التشبيك في مجال الابتكار

يعتد (التشبيك Networking) مهارة ليست سهلة بالنسبة للكثيرين منا. الكثير من العلماء اعتادوا على العمل الفردي، وهم يعتبرون المشاركة في محادثات مع غرباء من خارج تخصصاتهم أمراً مزعجاً ومتعباً. ولكن على الرغم من ذلك، فمن المفيد جدا لك أيها العلمي الباحث أن تتعلم مهارة التشبيك، وأن تجعلها من أولوياتك من أجل بناء روابط مهمة مع من هم حولك. سواء كانوا علماء كبار في مجالك أو في غيره، رجال أعمال أو موظفين في شركات ومؤسسات حكومية أو غير حكومية، أو حتى أصحاب مصالح مهنية، الخ.  فيمكن لشبكتك أن تفتح لك العديد من الأبواب التي لا يمكن أن يفتحها لك عملك الجيد لوحدك والمحصور داخل مختبرك.  وذلك لأن:

  1. العلم بطبيعته تعاوني وتشاركي، فقد انتهى منذ زمن بعيد العمل الفردي في العلم، ولا تكاد تجد الآن بحثاً يقوم عليه شخص واحد (ولا حتى أنت!). لذا يعد التعاون أمرًا بالغ الأهمية للابتكار والعلوم الجيدة، خاصة وأن التقنيات الجديدة تتطلب زيادة في العمل متعدد الوظائف بين الباحثين في مختلف التخصصات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون وجهات النظر الخارجية ذات قيمة عالية في مرحلة ما من حياتك المهنية، وكثيرًا ما تُستوحى الأفكار والفرضيات الجديدة من المحادثات بين العلماء ومع من هم خارج المجال أيضاً، رجال الأعمال والصناعة، مثلاً..
  2. المهارات الشخصية في التعامل حاسمة للنجاح المهني. بل قد تكون أكثر أهمية من المهارات التقنية بغض النظر عن المهنة. ففي عالم اليوم، تعتبر المهارات الشخصية ضرورية للنجاح الوظيفي. لم يعد أصحاب العمل يريدون فقط شخصًا خبيرًا في طاولة المختبر؛ بدلاً من ذلك، فهم بحاجة إلى فرد جيد الإحاطة يمكنه التعبير عن نتائجه وأفكاره وتقديمها بطريقة مقنعة. يعد التشبيك والانخراط في الشبكات مجرد طريقة واحدة لممارسة مهاراتك في الاتصال وصقلها أثناء إنشاء علاقات مهنية رئيسية. سيتطلب تطوير هذه العلاقات الهادفة جهدًا متضافرًا، ولكن لا يجب أن يكون جهدًا مرهقًا. التواصل وتطوير شبكتك هو ببساطة مهارة أخرى تتطلب الممارسة والتكرار لإتقانها، وبمجرد أن تفعل ذلك، ستكون الفوائد وفيرة بإذن الله.
  3. الشبكات تفتح الأبواب وتساعد على التحول الوظيفي. تشير الدراسات إلى أن 85 في المائة من جميع الوظائف يتم شغلها نتيجة للتواصل. بالنسبة لأولئك الذين يعملون في الأوساط الأكاديمية، فإن إنشاء روابط مهمة في وقت مبكر من حياتك المهنية يمكن أن يهيئك للنجاح الوظيفي لاحقًا. يمكن أن تكون معرفة الأشخاص المناسبين الذين يمكنهم توجيهك إلى الوظائف الشاغرة وربطك بالأفراد الذين يتطلعون إلى التوظيف هو المفتاح للحصول على مهنة أحلامك. علاوة على ذلك، إذا كنت تبحث عن وظيفة خارج مجالك الحالي، سواء أكان ذلك مجالًا صناعيًا أم أكاديميًا، فيمكن أن تساعدك هذه الاتصالات في الانتقال إلى مجال العمل الآخر وتقديم نصائح قيمة للنجاح فيه.

كباحث علمي عادة ما يكون هناك الكثير من الفرص للتواصل، سواء كان ذلك بشكل غير رسمي أثناء استراحات القهوة في المؤتمرات، أو في مكان أكثر رسمية مثل عشاء منظم أو جلسة شبكة مخصصة. في كل هذه الظروف تقريبًا، يكون أكبر عائق يجب التغلب عليه هو التوتر الأولي المرتبط بالاقتراب من شخص غريب وبدء محادثة. وهنا بعض النصائح التي يمكن أن تساعدك في التغلب على هذا التوتر وتزيد من ثقتك بنفسك:

  1. لا تخف. يستصعب العديد من الباحثين في بداية حياتهم المهنية التعامل مع كبار العلماء، خوفًا من أن هؤلاء “مهمون” جدًا وأكبر من أن يهتم أحدهم للتحدث معهم. ولكن لا تنسى أن جميع العلماء البارزين كانوا في وقت سابق باحثين جدد، وسيرحب معظمهم بفرصة التحدث إلى باحث آخر متحمس، شغوف وحريص، مثلك.
  2. ثق بنفسك. نشعر جميعًا بالتوتر في بعض الأحيان، ويكون هذا أكثر وضوحًا عندما نحاول أن نظهر بغير طبيعتنا وحقيقتنا. متلازمة إمبوستر  Impostor syndrome (الشعور بعدم الكفاءة) منتشرة بشكل خاص في المجتمع الأكاديمي، أشخاص من جميع الأعمار والخلفيات؛ بل حتى أنجح العلماء كثيرًا ما يشككون في مصداقيتهم. فتجد الشخص الذي يعاني من هذه المتلازمة يصارع داخلياً، ويحاول أن يظهر نفسه أكبر حجماً، أو أن ينطوي حتى لا يكتشف الآخرون نقصه (كما يراه داخليا)، ولكن يجب أن يكون واضحاً لنا جميعاً، أن فوق كل ذي علم عليم، وأنه لا يمكن أن يحيط أي إنسان بكل علم ومعرفة، وهذا لا يشكل مشكلة ولا نقصاً.  وكما يقال، أن الاقتناع بوجود المشكلة أول خطوة لحلها، لذا فإن إدراك وقبول معاناة أحدهم من هذه المتلازمة هو أولى الخطوات نحو التخفيف من آثارها السلبية. حافظ على نزاهتك وكن أميناً على المعرفة والعلم وستكون بلا شك شخصاً مهماً وخبيراً في مجاله (مجالاته). نعم قد يكون من بين الحضور علماء أكثر خبرة منك، لكن هذا لا يجعل أبحاثك أو آرائك أقل صحة.
  3.  لا تستحوذ على المحادثات. في كثير من الأحيان، قد يكون لدى العلماء المشهورين طابور من الأشخاص الذين ينتظرون التحدث إليهم في بيئات اجتماعية مزدحمة مثل المؤتمرات. إذا حدث هذا لك، فاذهب وتحدث إلى شخص آخر وعد إليه لاحقًا. وبالمثل، إذا كنت تتحدث إلى شخص ما ويبدو أن أشخاصًا آخرين يرغبون في التحدث إليك، فيمكنك محاولة إشراكهم في المحادثة للسماح للأمور بالمضي قدمًا بطريقة طبيعية.
  4. قف بجانبهم. إذا وجدت صعوبة في بدء محادثة، فابحث عن مجموعة من الأشخاص المنخرطين في محادثة والوقوف بجانبهم، وانضم إلى المجموعة. في النهاية سيبدأ شخص ما في التحدث إليك، أو ستظهر فرصة يمكنك من خلالها تقديم نفسك. بالطبع قد لا يكون هذا دائمًا مناسبًا تمامًا وقد يشعرك بالحرج الشديد أو من احساسك بالتطفل، ولكن ثق أنه إذا كانت تلك المجموعة تناقش مسألة خاصة، فسيخبرونك بذلك بأدب.
  5. كن لطيفاً وذكياً. فمثلاً، يمكن أن تكون مناسبات التشبيك فرصة ممتازة للبحث عن عمل محتمل للعلماء في بداية حياتهم المهنية. ومع ذلك، قد يكون من الأفضل أن تسأل شخصًا ما إذا كان بإمكانه توظيفك قبل أن تقدم نفسك بشكل كامل، حتى لا تحرج نفسك والآخرين، فهذا ستكون له غالباً، نتيجة عكسية عليك. وكذلك في كل موضوع آخر، كن حكيماً ولماحاً.
  6. احمل دائمًا بطاقات العمل معك. سيمكنك القيام بذلك من متابعة أي محادثات مع الآخرين في وقت لاحق، وسيعني أيضًا أن بيانتك أصبحت لديهم في حال أرادوا التواصل معك لاحقاً. وتكون فتحت باباً للتواصل والتشبيك معهم.

إذا وجدت نفسك مرتبكًا في مناسبة للتواصل، فاطلب من شخص ما تقديمك. على سبيل المثال، إذا كنت تنضم إلى فريق أو مجموعة عمل جديدة، أو تريد التحدث إلى شخص معين، فحاول أن تطلب من أحد زملائك أو حتى مشرفك تقديم مقدمة عنك وتعريف بك. يمكن أن يساعد ذلك في إزالة بعض القلق والتوتر من جو خلق الشبكات. وبالمثل، في المناسبات التي تعرف فيها أن عمل ومصالح شخصين ستكون متوافقة جيدًا، خذ على عاتقك تقديم المقدمات ذات الصلة لإحداث تعارف بينهما.

إذا كنت لا تشعر بالراحة في البيئات الاجتماعية الكبيرة، فيمكنك صقل مهاراتك في التواصل في مجموعات صغيرة أو أحداث التواصل غير الرسمية أولاً. قد يساعدك أيضًا أن تبدأ بالذهاب إلى المناسبات التي من المرجح أن تجد فيها أشخاصًا يشابهونك في التفكير والهوايات أو الأنشطة، أو الذهاب إلى مناسبات مع زملاء تشعر بالراحة معهم. ومع ذلك، إذا انتهى بك الأمر إلى حضور حدث للتواصل مع بعض الأصدقاء أو الزملاء، فحاول تجنب التحدث إليهم فقط والاكتفاء بهم، لأن ذلك يتعارض إلى حد ما مع الغرض من حضور مثل هذا الحدث في المقام الأول، وهو خلق روابط وتواصل مع آخرين جدد.

المصدر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى