نابغون

آشتون كوفر.. العاشق الصغير للعلوم والابتكار

لا أحد يولد مبتكرًا، ولا أحد يولد مدعيًا للابتكار، إنما لدينا بعض المنظومات في بعض البيئات التي تهيئ الصغار الذين لديهم ميول وشغف بالعلوم وتجريب الحلول للمشكلات التي تواجههم، فتخلق تلك المنظومات مبتكرين، بينما تخلق البيئات الأخرى مدعين أو واهمين.

الفتى الصغير آشتون كوفر Ashton Cofer ابن مدينة كولومبوس بولاية أوهايو الأمريكية هو نموذج تفاعلت فيه الميول والمواهب مع المنظومة المهيئة لتصنع منه مبتكرا صغيرا.

آشتون، وكما تصفه مدونة بلوتوث في تقرير لها نشر في مارس 2017 : عاشق، يحب استخدام الأدوات والتكنولوجيا لحل المشكلات “لأن الاحتمالات لا حدود لها تقريباً”. وفي المدرسة، يفضل آشتون دروس العلوم “لأنني أستمتع بتعلم الفيزياء الأساسية التي تحكم عالمنا”، “لقد استلهمت من كل من ستيف جوبز وإيلون ماسك، اللذان كان لهما تأثير مدهش في إحداث ثورة في العديد من الصناعات “.

قراءة قصص ابتكارات آشتون، تكشف أيضا عن “حساسية خاصة لالتقاط المشكلات التي تحتاج إلى حل”. ففي نفس المدونة تحكي كاتبة التقرير قصة أحد ابتكاراته: عندما نام أحد أصدقاء العائلة على عجلة القيادة، ونجا بفارق ضئيل من الاصطدام بشاحنة، كان ذلك مصدر إلهام لآشتون البالغ من العمر 14 عاما حينها لمحاولة منع قائدي السيارات من الإغفاء أثناء القيادة.

وأدى إلهامه إلى تطوير فكرة تساعدهم على اليقظة والانتباه والوصول سالمين وهو أحد المرشح ين النهائيين في فئة الطلاب لهذا العام لبرنامج Imagine Blue.

وهو ما يؤكده أيضا التقاطه لفكرة ابتكاره الثاني، والمتعلق بإعادة تدوير ستايروفوم Styrofoam  بتحويله إلى فحم نشط، والتي نفذها مع اثنين من زملائه، والتي حكاها موقع  تريدوم: “بدأت فكرة هذا المشروع عندما قام زملائي برحلة إلى أمريكا الوسطى وشاهدوا الشواطئ يتناثر عليها الستايروفوم – كما يقول آشتون – ونظراً لعدم وجود أي طرق جيدة لإعادة تدوير الستايروفوم، ينتهي في مدافن النفايات، أو المحيطات والشواطئ، وهو يستغرق أكثر من 500 عام ليتحلل”.

يبقى أن المنهج الذي اتبعه في الوصول إلى فكرة ابتكار تلبي الاحتياج في كلا الحالتين واحدة، وهي السؤال، والبحث، والتجر يب، ودخول المسابقات العلمية والتكنولوجية للطلاب لتقييم ما وصل إليه.

ففي الحالة الأولى بحث آشتون واكتشف عدم نجاعة حلول المشكلة المتاحة، كونها تنبه السائق بعد أن يغفو بالفعل، كما اكتشف أن معدل ضربات قلب السائق ينخفض قبل أن يغفو، ومن ثم تصور أنه يمكن أن يبتكر شيئا يضاف إلى معصم اللياقة الذي يرتديه الراكضون، لينبه السائق حينما ينخفض معدل ضربات قلبه عبر تقنية البلوتوث، عبر توصيل المعصم بالتليفون المحمول، ومن ثم تواصل آشتون مع الشركة المنتجة للمعصم، والتي أرسلت له معصم مجاني لتجريب فكرته عليه، والتي انتهى من تنفيذها بالفعل، فأعجبت الشركة واعتمدت تنفيذها.

أما في الحالة الثانية، فقد قاده بحثه وزملاءه إلى معرفة أن التقنيات المستخدمة في إعادة تدوير الستايروفوم مكلفة وملوثة للبيئة في آن، ومن ثم فكروا في استخدام الكربون الموجود في مكوناته لتحويله إلى كربون نشط activated carbon مما يشيع استخدامه في تنقية المياه والهواء, لذا بدأوا في تجريب طرق مختلفة لتحقيق ذلك, كادت إحداهما إشعال حريق في حديقة منزله الخلفية, وكاد الشباب الصغير أن ييأس من إمكانية التوصل إلى حل, لكنهم استطاعوا أخيراً الوصول إلى ما يريدون عندما توصلوا لدرجة الحرارة والوقت والكيماويات اللزمة لنجاح التجربة, وقد تلقت الفكرة دعماً وتمويلاً من عدة جهات, وهم على باب تسجيلها كبراءة اختراع.

في كلتا الحالتين مرت الفكرتان عبر مسابقات, ففي الفكرة الأولى وصلت الفكرة إلى نهائيات مسابقة Imagine Blue للطلاب عن عام 2017, وفي الحالة الثانية فاز آشتون وزملاؤه بجائزة المبتكر العلمي الأمريكي من معرض جوجل للعلوم Google Science Fair لعام 2016.

الأمر إذا يتمثل في توفير البيئات المواتية للعلم الصحيح وليس العلم الزائف، ليس ادعاء فارغًا، وليس حلم ليلة صيف، أو خيالات وأوهام، بل شغف، وتعليم، وبحث، وسؤال، وتجريب، وتمحيص للأفكار النهائية عبر المسابقات العلمية المحكمة، ومنزل، ومدرسة، وشركة يدعمون ويشجعون ولا يبكتون، بل إنهم يتبنون ولا يستكبرون على ابتكارات “الصغار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى