حلول مبتكرة

الزراعة بالحجارة البركانية.. البديل الأردني لشُح المياه ولمقاومة التغير المناخي

تغيرات مناخية ملحوظة يشهدها العالم في العقد الأخير، تمثلت فى ارتفاعات كبيرة في درجات الحرارة صيفاً، واختلاف نسب الهطول المطري شتاءً، الأمر الذي ترتب عليه اختلالات واضحة في الدورات الزراعية وتغير في مواقيتها السنوية.
جراء تلك المتغيرات المناخية، يسعى مزارعو بالمملكة الأردنية إلى تعويض الفاقد من المحاصيل الزراعية، وذلك باستخدام طرق مبتكرة تمكنهم من تأمين محاصيل موسمية على مدار السنة.

الحجارة البركانية

عاش المبادر الأردني أحمد ميّاس 26 عاماً في ألمانيا، متنقلاً بين مجالي الزراعة وتجارة السيارات، لكنه وجد نفسه ميّالاً إلى قطاع الزراعة، فاختار أن ينقل خبراته العملية إلى بلده، والتى تركها منذ أن كان عمره 16 سنة, عبر إقامة مشاريع زراعية من دون تربة؛ لمقاومة شح المياه والتغير المناخي.

بدأ «ميّاس» عمله من خلال سهول مدينة “الرمثا”، والتى تقع أقصى شمالي الأردن، حيث تتمتع تربتها بخصوبة تختلف عن باقي محافظات البلاد، وذلك من خلال مشاريع زراعية، مدعومة من منظمات دولية. يستخدم مياس في مشاريعه الزراعية، وسيطاً بديلاً للتربة، يُعرف بـ”التوف” وهي حجارة بركانية، يحضرها من جنوب الأردن.

وتحتوي الحجارة البركانية/التوف, على عناصر فريدة للمزروعات، حيث توفر كميات كبيرة من المياه، (تُصنف الأردن كثاني أفقر دولة في العالم في المياه، وفق المؤشر العالمي للمياه) وتحتفظ بنسبة عالية من الرطوبة، ما يساعد محاصيله على النمو الكثيف والسريع. يعمل مياس في الزراعة والمشاتل منذ فترة طويلة، ويقوم بزراعة محاصيل البندورة والكوسا والخيار والكرفس والبصل، وغيرها من المحاصيل.


ولأن التغيرات المناخية فى الأردن أدت إلى تغير في المواسم الزراعية، ومن ثم إلى نقص في خصوبة التربة، فقرر “مياس” البحث عن تقنية جديدة توفر للمحاصيل العناصر اللازمة، ويواجه من خلالها تغير المناخ.

وجد أن الزراعة باستخدام وسيط بديل للتربة هي الحل الأمثل، فقام بإحضار مادة التوف من جنوب الأردن، والتي تحتفظ برطوبة عالية جداً، وتطرح ما يزيد عن حاجة المحاصيل من المياه إلى مصافٍ خاصة، ليعاود استخدامها مرة أخرى. وتتمتع هذه الطريقة بتوفيرها لكثافة عالية في الإنتاج، من خلال دفعها النباتات إلى استهلاك كميات كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون.

وبتطبيق هذه الطريقة على نبتة الطماطم فإنها تنتج خلال الموسم الواحد نحو 15 كيلوجراماً، بينما في الزراعة التقليدية يكون إنتاجها من 3 إلى 8 كيلوجرامات فقط.
وبهذه الطريقة، التي تعد من أنواع الزراعة المائية بدون تربة، يستمر الإنتاج لثمانية أشهر، ولا نضطر لاستبدال النباتات المزروعة؛ لأن هذا النظام يزيد من عمرها.

توفير المياه

وتمتاز هذه الطريقة بتوفر الماء بنسبة 90 في المائة، فضلاً عن توفير الأسمدة والمبيدات الحشرية؛ لأن الحوض المزروع فيه معزول عن التربة، والماء يوفر الغذاء المتكامل للنبتة من خلال خلطه بالمحاليل المغذية. ويستطيع “مياس” من خلال هذه التقنية زراعة الصحراء وحتى الإسفلت، وأسطح المنازل.


ووفقا لمياس فإن “النبتة في التراب تحتاج لجهد كبير وهي تبحث عن العناصر المفيدة لها، وبالتالي تقل إنتاجيتها وينقص عمرها، وبهذه الطريقة فنحن نريحها، لذلك تنتج أكثر”.

عزز مياس خبرته في هذا المجال من خلال الالتحاق بدورات تدريبية مع العديد من المنظمات الدولية، حتى صُنف بدرجة مستشار، وتم تمويل العديد من مشاريعه، وكان أولها عام 2017 في شمال الأردن للزراعة في وسيط بديل للتربة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى