تعليم

المرأة تتفوق على الرجل فى تعلم اللغات.. تعرف على الأسباب

أجرى باحثون بجامعة ألبرتا بكندا دراسة قارنوا خلالها بين الميول المعرفية لدى الرجال والنساء، وتوصّلوا إلى أن الرجل أقل اهتمامًا بتعلم اللغات لأنه يميل إلى إثبات تفوقه عبر مهارات أخرى مثل الرياضة والأعمال البدنية. وأظهرت بعض الأبحاث الجديدة أن الفتيات أكثر قدرة على تعلّم اللغات من أقرانهنّ الذكور.

توصلت دراسة جامعة ألبرتا الكندية إلى أن العديد من ورش العمل وجلسات المناقشات الذكورية خلُصت إلى أن تعلم اللغات مرتبط بشكل مباشر بالإناث، لأنه مجال يناسب طبعهن وتكوينهن النفسى والجسمانى، كما اتفقت الاستطلاعات التى أجريت فى ذلك الشأن على النساء مع ذلك الطرح، حيث عبّرت المرأة عن ميلها وانجذابها لاكتشاف اللغات وإتقانها.

وأجرى الباحثون الدراسة على ١٦٧٣ طالبًا بقسم علم النفس التمهيدى فى إحدى الجامعات الكندية، وطُرحت عليهم أسئلة حول التخصصات التى ينجذبون إليها، فاختار أغلب الذكور ممن خضعوا للدراسة مجالات رياضية وأعمال بدنية، ولم ينجذب أى منهم إلى تعلم اللغات.

وأشارت نتائج الاستطلاعات إلى أن النساء يسعين بشغف لتعلم اللغات والتعرف على كل جديد يصدر فى هذا المجال، لأنهن يعتقدن أن اللغات تعزز ثقتهن فى أنفسهن وتمدهن بالطاقة والمعرفة اللازمة لخوض تجارب الحياة بشجاعة، كما يحرصن على اقتناء المجلات والكتب التى تلقن مهارات اللغات.

وقالت كاثرين إيفرهارت شافى، عالمة علم النفس بجامعة ألبرتا، المشرفة على الدراسة، إن المعتقدات التقليدية لدى الرجال من أن اللغات مجال لائق بالنساء وحكر عليهن تقلص كثيرًا من خبراتهم ويحرمهم من النجاح والابتكار فى ذلك المجال.

غموض السبب البيولوجي

ضمّت الأدبيات العلمية على مدار الأربعين عامًا الماضية العديد من الدراسات التي تؤكّد على ما تتمتع به الفتيات من مهارات لغوية عالية، على أن السبب البيولوجي وراء ذلك لا يزال غامضًا حتى الآن.

يُشير الباحثون في تقرير نُشر في مجلة Neuropsychologia أن السبب قد يكمن في الطريقة التي تتم بها معالجة الكلمات؛ ففي تمرين يتعلق بالقدرات اللغوية؛ أظهرت الفتيات نشاطًا أكبر في مناطق الدماغ المرتبطة بترميز اللغة التي تحلّل المعلومات بطريقة تجريدية. ومن ناحية أخرى، أظهر الأولاد الكثير من النشاط في المناطق المرتبطة بالوظائف البصرية والسمعية، تبعًا لطريقة عرض الكلمات أثناء التمرين.

كما بينت نتيجة التمرين أن المعلومات اللغوية تذهب مباشرة إلى مناطق معالجة اللغة في دماغ الإناث، في حين يستخدم الذكور المناطق الحسية التي تتطلب جهدًا كبيرًا لتحليل البيانات. مما يعني أن الأولاد بحاجة إلى دراسة اللغة بصريًا (مع كتاب مدرسي) أو شفهيًا (من خلال محاضرة) ليتمكّنوا من فهم المادة بشكل كامل خلال الفصل الدراسي، بينما تكون الفتاة قادرة على استيعاب المفاهيم بأي من الأسلوبين.

تمكّن الباحثون من تحديد الاختلافات بين الجنسين من خلال مراقبة نشاط الدماغ لدى مجموعة من الأطفال تضم (31 فتى و 31 فتاة، وتتراوح أعمارهم من 9 إلى 15 عامًا) باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI)، أثناء تفاعل الأطفال مع المهام اللغوية. وخلال فترة التدريب، عُرض أمامهم زوج من الكلمات؛ مرة مرئية ومرة محكية، حيث عليهم تحديد ما إذا كان الزوجان متماثلان من ناحية التهجئة (كحذف الحرف الساكن الأول، كما هو الحال في كلمة “pine” و “line”) أو على نفس الوزن مثل “gate” و “hate” أو “pint” و “mint”. إلا أنه في بعض الحالات، لم تتوافق الكلمات مع أي من المعيارين؛ كما في كلمة “jazz” و “list”.

يقول دوج بورمان، المؤلف المشارك في الدراسة والباحث في قسم العلوم واضطرابات التواصل بجامعة نورث وسترن، أن الفريق لاحظ نشاطًا أكبر في ما يسمى بمناطق اللغة في أدمغة الفتيات مقارنةً بمناطق الصبيان، تضمنت مناطق التلفيف الصدغي العلوي (المرتبط في تحليل الكلمات المسموعة) والتلفيف الجبهي السفلي (معالجة الكلام) والتلفيف المغزلي الذي يساعد على تهجئة الكلمات وتحديد معانيها. وقد بدا أن تفعيل الجزئين الأخيرين على وجه الخصوص مرتبط بزيادة دقة اللغة لدى الفتيات.

يقول بورمان: “بالنسبة للفتيات، لا يهم إذا سمعن الكلمة أو قرأنها، وهذا بدوره يُشير إلى أن الفتيات يتعلّمن (خصائص اللغة) بشكلٍ تجريديٍّ أكثر، وهو ما يمثّل الهدف المثالي الذي نسمو إليه في عملية التعليم.”

ويضيف بورمان أن فريقه يخطط الآن للبحث فيما إذا كانت ميزة الفتيات هذه تتضائلُ مع التقدّم بالعمر، مشيرًا إلى أن بعض الأبحاث السابقة تفيد بأن قدرة الذكور الحسّية قد تختفي مع وصول الأولاد إلى مرحلة البلوغ.

تشجيع الرجال على تعلم اللغات

قدمت الباحثة كاثرين إيفرهارت شافى، بجامعة ألبرتا “روشتة” لتغيير وجهة النظر هذه لدى الرجال، عبر ابتكار آليات غير نمطية تشجعهم على تعلم اللغات والدخول إلى ذلك العالم بجرأة وإثبات أنفسهم فيه، موضحة أن خوض التجربة سيكون مفيدًا للغاية للرجال فى مجالات عملهم المختلفة.

وخلُصت الراسات إلى أن التحدث بلغة أجنبية مهارة مفيدة تفتح الباب أمام ثقافات جديدة، وللتواصل مع أشخاص جدد، وهى تبنى جسورًا بين المجتمعات المختلفة، وتفتح فرصًا أوسع للعمل، خاصة بالنسبة للرجال، كما أن المعتقدات السائدة بأن تعلم اللغات الجديدة حكر على الإناث معتقد خاطئ تمامًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى