منوعات

المملكة وتوليد الشعور بملكية أهداف التنمية المستدامة.. تجربة وزارة الاقتصاد والتخطيط في تعزيز دور القطاع الخاص في الاستدامة

شاركت المملكة العربية السعودية بشكل فاعل في المشاورات الخاصة بأهداف التنمية المستدامة منذ بدايتها. والتزمت المملكة بتحقيق هذه الأهداف عند إقرارها في سبتمبر 2015 م، ودأبت على تجديد التزامها خلال مشاركاتها في المحافل الإقليمية والدولية المختلفة. وقد ترجمت المملكة هذا الالتزام بصدور الأمر السامي الكريم القاضي بتكليف وزير الاقتصاد والتخطيط بمتابعة هذا الملف المهم, وتقوم وزارة الاقتصاد والتخطيط بالعمل على إيجاد الاتساق الوطني مع أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال دورها المحوري في دعم الأجهزة الحكومية في التخطيط الاستراتيجي والتنفيذي، وتوفير المعلومات اللازمة من بيانات وإحصاءات ودراسات للجهات ذات العلاقة ومواءمة الخطط القطاعية والمناطقية بين الجهات المعنية.

كما تقوم الوزارة بتعزيز دور القطاع الخاص والجمعيات والمؤسسات الأهلية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة عن طريق تطوير المنهجيات والمقترحات اللازمة لتحسين إنتاجيتها وفعاليتها. كما تؤدي الوزارة دوراً محورياً في تعزيز دور القطاع الخاص في الاستدامة من خلال ملكيتها للهدف الاستراتيجي المعني بتعزيز اهتمام الشركات باستدامة الاقتصاد الوطني تحت برنامج التحول الوطني 2.2.

إدراج أهداف التنمية المستدامة في الأطر الوطنية

قامت وزارة الاقتصاد والتخطيط بقياس مدى اتساق رؤية المملكة 2030 مع أهداف التنمية المستدامة، وللحصول على صورة شمولية تمت إضافة عدد من الخطط والاستراتيجيات الوطنية وقياس مدى اتساقها مع أهداف التنمية المستدامة. اعتمدت عملية قياس مدى الاتساق على تحديد الأهداف الاستراتيجية الفرعية لرؤية المملكة 2030 وللخطط والاستراتيجيات الوطنية المتوائمة مع مقاصد أهداف التنمية المستدامة، وذلك للخروج بصورة دقيقة تعكس اتساق فعلي قابل للتطبيق من قبل الجهات المنفذة. وقد تم استخدام أداة التقييم المتكامل السريع التي تم تطويرها من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. ويوضح الشكل أدناه مدى مواءمة الخطط والاستراتيجيات الوطنية الحالية مع أهداف التنمية المستدامة.

وللاستفادة من آليات المتابعة على المستوى الوطني فقد تمت مواءمة مؤشرات قياس أداء الأجهزة الحكومية ذات العلاقة مع مقاصد أهداف التنمية المستدامة وذلك بهدف إيجاد مؤشرات موازية لقياس التقدم المحرز في هذه المقاصد على المستويات المختلفة رؤية المملكة 2030 وبرامجها التنفيذية ومؤشرات الجهات المختلفة.

وقد شرعت المملكة في مواءمة استراتيجياتها الوطنية في مختلف القطاعات مع أهداف التنمية المستدامة. فعلى سبيل المثال: قامت وزارة البيئة والمياه والزراعة بإصدار استراتيجية المياه واستراتيجية البيئة التي تتسق مع أهداف التنمية المستدامة وتراعي التكامل بين أبعادها الثلاثة الاجتماعية و الاقتصادية والبيئية. وفي إطار اهتمام المملكة المستمر بالتعليم كمحرك أساسي للنهوض بعملية التنمية، فقد صدر أمر سامي كريم قضى بإدراج أهداف التنمية المستدامة في مناهج التعليم، وجاري حالياً العمل على ذلك بقيادة وزارة التعليم وشراكة الجهات ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص. وتجدر الإشارة هنا إلى أن المزيد من الاستراتيجيات والخطط قيد التطوير حِالياً، والتي ستعزز عند إصدارها حالة تغطية الأطر الوطنية لأهداف التنمية المستدامة.

جهود وزارة الاقتصاد والتخطيط في تعزيز دور القطاع الخاص في الاستدامة

الهدف الاستراتيجي تعزيز اهتمام الشركات باستدامة الاقتصاد الوطني تشجيع الشركات على المشاركة في الأنشطة الاقتصادية بطريقة مستدامة وزيادة قدرتها على مواجهة الصدمات عن طريق تكوين ارتباط قوي بالمنظومة البيئية والاقتصادية على المدى البعيد وعدم التركيز فقط على الربحية قصيرة المدى.

  • وضع وتفعيل إطار لتحفيز الشركات الكبرى لتطبيق المعايير الوطنية للاستدامة لمساهمة القطاع الخاص في التنمية المستدامة.
  • إنشاء منصة وطنية لتعزيز مساهمة الشركات في التنمية المستدامة.
  • تدشين الجائزة الوطنية لمساهمة القطاع الخاص في التنمية المستدامة.

تدرك المملكة العربية السعودية أهمية تنمية القطاع الخاص، لذلك تسعى إلى زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى % 65 في عام 2030 م. ونظراً لآثار الإصلاحات الاقتصادية المزمع تنفيذها على القطاع في المدى القصير، فقد عملت المملكة على تمكين القطاع ودعمه للمساهمة في تعزيز النمو الاقتصادي. واعتمدت خطة تحفيز القطاع الخاص لضمان الاستمرار في تسريع وتيرة نموه في ظل الإصلاحات الاقتصادية ليتماشى مع تطلعات رؤية المملكة 2030 ، مع تخصيص مبلغ 200 مليار ر.س ) 53.3 مليار دولار( على مدى أربع سنوات لتنفيذ الخطة. انطلقت حزمة تحفيز القطاع الخاص باطلاق مبادرتين في مطلع عام 2017 ، تبعها إطلاق حزمة مبادرات بلغ عددها 17 مبادرة بمبلغ 72 مليار ر.س ) 19.2 مليار دولار( في اواخر عام 2017 ليتم تنفيذها ابتداءً من عام 2018 . وتهدف الخطة لتحقيق أربعة أهداف رئيسة، وهي:

  • تحفيز نمو الاقتصاد وتعظيم الأثر على الناتج المحلي الإجمالي
  • تعزيز ثقة القطاع الخاص وإزالة العقبات التي تواجهه
  • توفير الدعم اللازم لتحويل الاقتصاد
  • رفع حجم الطلب على السلع الاستهلاكية

وفيما يتعلق بتوزيع المبالغ المعتمدة على المبادرات، فقد تم تخصيص مبلغ 21 مليار ر.س ) 5.6 مليار دولار( لمبادرة تسريع مشاريع الاسكان، ومبلغ 17 مليار ر.س ) 4.5 مليار دولار( لمبادرة تمويل القطاع الخاص، كما خصص مبلغ 17 مليار ر.س) 4.5 مليار دولار( لمبادرة رفع الكفاءة والتقنية، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ 12 مليار ر.س ) 3.2 مليار دولار( لمبادرة تحفيز المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ومبلغ 5 مليارات ر.س ) 1.3 مليار دولار( لمبادرة تحفيز الصادرات عن طريق إنشاء بنك الصادرات. وتأتي هذه المبادرات استكمالًا لما تم اتخاذه من قرارات تهدف إلى دفع عجلة نمو القطاع الخاص والتي من ضمنها زيادة رأس مال صندوق التنمية الصناعي بمبلغ 25 مليار ر.س ) 6.6 مليار دولار(، وضخ 15 مليار ر.س ) 4 مليار دولار( في الشركة الوطنية للإسكان. كما يتم حالياً تطوير وتحليل حزمة أخرى من المبادرات لإطلاقها خلال هذا العام التي ستركز على التحفيز التحويلي للقطاع الخاص.

أهم التحديات:

تعزيز أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي: إن تعزيز أهداف التنمية المستدامة على المستوى المحلي يعني ضمنياً مواءمة هذه الأهداف ومقاصدها ومؤشراتها مع الأوضاع والظروف المحلية، وإدراجها ضمن تخطيط السياسات العامة وتنفيذهاعلى المستوى المحلي. وفي الواقع، ينطوي إطار أهداف التنمية المستدامة على إمكانات تساعد الإدارات المحلية في تحسين عمليات التخطيط وربط أدائها على نحو أكثر رسوخاً بالنتائج والبراهين من خلال التسريع في بناء قدرات أجهزة الإدارات المحلية.

التنسيق بين الأطراف والقطاعات المتعددة: أدى اتساع أهداف التنمية المستدامة وشموليتها إلى اضطلاع جهات عديدة من القطاعين العام والخاص والجمعيات والمؤسسات الأهلية بدور بالغ الحيوية في ترجمتها إلى أدوات عملية بغرض شرح وتفسير التنمية المستدامة، وإدارة تنفيذها، وضمان المساءلة والمحاسبة، وإعداد تقارير بشأن التقدم المحرز في تحقيقها. ويُبرز ذلك أهمية اتباع تلك الأطراف منهج موحد شامل، وذلك لأن التنمية المستدامة ليست مسؤولية مراكز تنسيق متخصصة محددة، بل هي مسؤولية الحكومة بأكملها. ويتطلب ذلك تنسيقاً وثيقاً وواسعاً بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية لضمان تضافر الجهود وعدم ازدواجها. ومن ناحية أخرى، فإن صعوبة التنسيق الفاعل بين تلك الأطراف تستلزم بذل المزيد من الجهود، وتوجيه الموارد لتعزيز آليات التنسيق القائمة ومواءمتها مع متطلبات أهداف التنمية المستدامة.

البناء على الأطر المؤسسية القائمة: مع مضي العمل وسيره قدماً في اتجاه تسريع وتيرة تنفيذ أجندة التنمية المستدامة، تبرز أهمية عدم استحداث آليات متداخلة من خلال إنشاء مؤسسات جديدة إذا كانت المؤسسات القائمة بإمكانها الاضطلاع بذات العمل. وقد ينطوي ذلك على تحديات نظراً لأن البناء على الأطر المؤسسية القائمة يتطلب فهماً أفضل لأهداف التنمية المستدامة من جانب المسئولين الحكوميين، وتطوير قدراتهم على التعامل معها. وفي هذا الصدد، فإن إنشاء البنى التحتية لرؤية المملكة 2030 يوفر فرصة للتوسع في إدراج أهداف التنمية المستدامة ودمجها في نظام الحوكمة القائم ولاسيما فيما يخص أطر التخطيط والتمويل.

توافر البيانات والقدرات الإحصائية: تتطلب مواءمة أهداف التنمية المستدامة ومتابعة التقدم المحرز في تحقيقها توفر بيانات وإحصاءات آنية ودقيقة وتفصيلية، وذات صلة وثيقة بالأهداف، وتتسم بالسهولة في الحصول عليها واستخدامها. وبالرغم من التحسن المطرد في توفر البيانات وجودتها من سنة لأخرى، إلا أن عملية تحليل مواءمة رؤية المملكة 2030 مع أهداف التنمية المستدامة أظهرت عدم توفر بيانات في مجالات معينة. ويتطلب سد الفجوات في البيانات وضمان إدراج القياسات الرئيسة ضمن المؤشرات الرسمية تحسين المنهجيات ونظم جمع البيانات. وفي هذا السياق، قد أشار الاستعراض إلى إحدى الأولويات الرئيسة التي تتمثل في الحاجة الملحة للاستثمار في تعزيز نظم جمع البيانات، ودعم وتعزيز قدرات الجهات الإحصائية. ويقتضي ذلك أيضاً تحسين التنسيق بين منتجي البيانات والمستفيدين منها، وإيجاد أساليب مبتكرة لإنتاج البيانات والإحصاءات واستخدامها.

المصدر: الاستعراض الطوعي الوطني الاول 2018

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى