حلول مبتكرة

الباحثة الجزائرية (يمينة بوشيخ).. تغذية البكتيريا وتوفير ظروف نموها وتكاثرها لإنتاج مواد عضوية مفيدة

تقول الباحثة الجزائرية النابهة (37 سنة) “يمينة بوشيخ”, “كباحثة وجدتُ مجال ريادة الأعمال مثيرًا للاهتمام من حيث مستوى الحرية الذي يوفره لتطوير الفكرة العلمية وتنميتها والعمل عليها حتى لو كنت الوحيدة التي أؤمن بها”. تركز بوشيخ في أبحاثها العلمية على تغذية البكتيريا وتوفير الظروف الملائمة لنموها وتكاثرها من أجل استغلالها في إنتاج مواد عضوية مفيدة بدل محاربتها والقضاء عليها، وهو ما جعلها تحصل على إشادة وتشجيع من الاتحاد الأوروبي.

تعمل بوشيخ (وفقا لتقرير نشرته عنها سارة جقريف بالجزيرة) باحثة في المعهد الوطني للبحث الزراعي (آي إن آر إيه إيه) “INRAA” في الجزائر بصفتها دكتورة في البيولوجيا ورئيسة فرقة بحث مختصة في تثمين الموارد الطبيعية النباتية البكتيرية والفطرية لاستعمالها في عدة مجالات، ومن بين تلك المجالات الفلاحة، حيث تعمل على صناعة سماد ومبيدات عضوية باستعمال الفطريات والنباتات المحلية.

بداية الاهتمام بالعلوم البيئية

قضت بوشيخ معظم طفولتها في مزرعة جدها رحمه الله، وكان شديد التعلق بأرضه وشغوفاً ومتفانياً في خدمتها، فحولها إلى مساحة تنمو فيها العديد من الخضروات والفواكه وتعيش فيها الكثير من الحيوانات.

ولأن جدها كان قليل الكلام كثير العمل ويعيش وحيدًا في غرفة متواضعة فقد شغل تفكيرها كثيرًا وتحول إلى مصدر إلهامها، ودفع بها تلقائيا إلى حب الأرض ومنه الاهتمام بعلوم الأحياء والبيئة بصفة خاصة، حصلت على عدة شهادات، منها مهندسة دولة في الأنظمة البيئية، وشهادة ماجستير في البيئة وفسيولوجيا النبات.

انضمامها إلى المعهد الوطني للبحث الزراعي وانخراطت في فرق ومشاريع بحث جعلها تهتم بعلم الأحياء الدقيقة “عالم البكتيريا” لكن من منظور مختلف عن زملائها، في العادة يهتم الباحثون في هذا المجال العلمي بالأضرار التي تسببها البكتيريا وآثارها السلبية على النباتات والمنتجات الفلاحية، ولهذا نجد معظم المشاريع البحثية تركز على دراسة كيفية القضاء أو الحد من أثر هذه المخلوقات المجهرية.

في حين أن خلفيتها العلمية مكنتنها من تشكيل نظرة مغايرة عن هذا العالم الخفي، ودفعتها إلى التركيز بدلاً من ذلك على الدور الفعال والمهم لهذه المخلوقات في النظام البيولوجي، وهو ليس أمرًا جديدًا – بحسب بوشيخ- فلطالما استعمل الإنسان البكتيريا في صناعات عدة، منها صناعة الأغذية والمشروبات المخمرة.

الاستفادة من البكتيريا

تقول بوشيخ. “تحديات العصر الحالي تدفعنا إلى تغيير نظرتنا إلى طرق إنتاج ما نستهلكه نظرا للآثار السلبية التي تخلفها الصناعة الملوثة على البيئة، وبالتالي فإن استعمال البكتيريا مثير للاهتمام باعتبارها المصنع البيولوجي الأكثر تطورا في الأرض، من حيث قدرتها على تصنيع وإنتاج مواد مختلفة بأقل تكلفة اقتصادية وبيئية.

شخصيا، أعتبر البكتيريا زعيمة جميع الكائنات وذات طابع ذكي ومفيد، وهي ميزة لا يمكن تفويتها، وتحتاج منا إلى المزيد من الاهتمام والابتكار في توظيفها لإنشاء مواد إيكولوجية مستدامة مثل الجلود النباتية”.

تأسيس أول شركة لتصنيع المواد عن طريق البكتيريا

بدأت بوشيخ فى تأسيس أول شركة لتصنيع المواد عن طريق البكتيريا, بعدما شاركت في برنامج إقليمي “نكست سوسيتي” (Next Society) يقوم على مساعدة الباحثين لتطوير بحوثهم إلى مشاريع شركات ناشئة، وحصلت على المركز الأول في الجزائر، مما مكنها من الاستفادة من التدريب في عدة مواضيع خاصة بـ (ريادة الأعمال) ودعم مالي لتطوير المشروع.

وهو عبارة عن شركة ناشئة تحمل اسم “تنمو” (TANMU) تصنع مواد نحتاجها في حياتنا اليومية كالجلد والقماش بطريقة مبتكرة وبأقل تكلفة اقتصادية وبيئية باستعمال البكتيريا، مشروعها يقوم باستغلال وتثمين النفايات العضوية التي ترمى من المنازل والمصانع الغذائية في القمامة عبر تحويلها إلى غذاء للبكتيريا التي بدورها تقوم بتصنيع مركبات بوليمرات يتم تحويلها بطريقة مبتكرة في المختبر إلى جلد نباتي، ومازالت تعمل على تطوير الشركة وتسويق الجلد البكتيري لشركات الموضة ومصممي الأزياء في الوطن العربي.

البحث العلمي وريادة الأعمال

كباحثة وجدت بوشيخ مجال ريادة الأعمال مثيراً للاهتمام من حيث مستوى الحرية الذي يوفره لتطوير الفكرة العلمية وتنميتها والعمل عليها حتى لو كانت الوحيدة التي تؤمن بها- على حد قولها.

تضيف بوشيه “(المقاولاتية/ريادة الأعمال), جعلتني أؤمن بأن شركتي الصغيرة مثلا قادرة على التأثير في المجتمع اقتصاديا وبيئيا بطريقة أكثر فاعلية من العمل باحثة تقضي معظم وقتها في المختبر لإنتاج بحوث علمية لا أثر لها على الاقتصاد والمجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى